وهذا والذي قبله نص ظاهر في أنه قد أصبح المسلمون صياماً, ثم أفطروا بعد ذلك, وكل من جاز له الإِفطار بالأكل؛ جاز له الإِفطار بالجماع؛ كالمسافر الذي لم ينو, وذلك أنه إذا نوى المريض أو المسافر الفطر, وأكلا؛ فلهما فعل كل ما ينافي الصوم من جماع وغيره على إحدى الروايتين, قاله أصحابنا: وذلك لأنه إذا عزم على الإِفطار؛ صار مفطراً, فيقع الجماع من مفطر, والفرق بين هذا وبين العبادة الموسعة أن هنا صوم رمضان عبادة مضيقة, وإنما السفر والمرض جوز تأخيرها عن وقتها, فإذا أثر في التضييق الواجب بالشرع؛ فلأن يؤثر في التضييق الواجب بفعل المكلف أولى وأحرى؛ لأن المقتضي لإِباحة الفطر هنا قائم في جميع الوقت. . . .
والفرق بين الصوم والصلاة: أن قصر الصلاة إسقاط لشطرها؛ فليس له أن يتركه بعد أن يلتزمه أو ينعقد سبب لزومه, ولهذا قلنا: لو سافر وقد وجب عليه الصلاة؛ صلاها تامة, والصوم مجرد تأخير للصوم إلى وقت آخر, ليس هو إسقاطاً, ثم المشقة في السفر تلحقه باستدامة الصوم؛ بخلاف تكميل تلك الصلاة؛ فأنه لا مشقة فيه.