قال ابن عبد البر: هذا هو المستحب عند جماهير العلماء؛ إلا أن بعضهم أشد تشديداً فيه من بعض.

قال القاضي: ظاهر هذا أنه لا يجوز له الفطر إذا علم أنه يقدم في بعض النهار؛ لأن من أصله أنه إذا قدم؛ تعين عليه الإِمساك إذا كان مفطراً؛ فإذا علم أن سفره لا يتسع لفطر يوم؛ وجب أن يمتنع منه؛ لأن وجود السفر في أول النهار سبب يبيح الرخصة, فجاز العمل به.

وإن علم أنه يزول آخر النهار, كما لو صلى في أول الوقت قاصراً, وهو يعلم أنه [يقدم] في الوقت, أو صلى بالتيمم وهو يعلم أنه يجد الماء في آخر الوقت, وكما لو علم الصبي أنه يبلغ في أثناء النهار بالسن؛ فإنه لا يلزمه التبييت.

ووجه الأولى: أن الفطر في الحضر غير جائز في الحضر غير جائز أصلاً, بل يجب الصوم فيه, ولا يمكن الصوم فيه؛ إلا أن يُبيِّت النية من الليل, وما لا يتم إلا به فهو واجب, ولأن الصوم واجب في ذمة المسافر, وإنما أجيز له تأخير الفعل إذا كان مسافراً, فإذا علم أنه يقدم في أثناء اليوم؛ فقد أخَّرَ الصوم بدون سبب الرخصة, وبهذا يظهر الفرق بينه وبين الصبي؛ فإنه لم يجب عليه شيء قبل البلوغ.

فأما الحائض إذا علمت أنها تطهر في أثناء اليوم؛ فهنا لا يجوز تبييت النية؛ لأن الحيض يمنع صحة الصوم.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015