مكة؟ فقال: الحارث بن حاطب أخو محمد بن حاطب. ثم قال الأمير: إن بكم من هو أعلم بالله ورسوله منِّي, وشهد هذا من رسول الله صلى الله عليه وسلم, وأومأ بيده إلى رجل. قال الحسين لشيخ إلى جنبي: مَنْ هذا الذي أومأ إليه الأمير؟ قال: هذا عبد الله بن عمر, وصدق, كان أعلم بالله منه. فقال: بذلك أمرنا رسول الله صلى الله عليه وسلم». رواه أبو داوود والدارقطني, وقال: هذا إسناد متصل صحيح.

فهذا الحديث يدل بمنطوقه على قبول شهادة الاثنين بكل حال, سواء كانت السماء مصحية أو مغيمة, ومفهومه مفهوم الشرط الذي هو أقوى المفاهيم, على أنه لا ينسك إلا شهادة شاهِدَيْ عدلٍ؛ لأن الحكم المعلق بشرط؛ معدوم عند عدمه, ولو كان الحكم يثبت بشاهد واحدٍ؛ لما احتاج إلى ذكر الاثنين, وإذا ثبت هذا في هلال النحر؛ فهلال الفطر أولى وأحرى, وقد تقدم قوله: «فإن شهد شاهدان؛ فصوموا وأفطروا»؛ فإن مفهومه أن الصوم والفطر لا يجتمعان إلا بشهادة اثنين, وهو كذلك.

ولا ينتقض هذا بقبول الواحد في الصوم لوجهين:

أحدهما: أن المفهوم عارضه نص, والمنطوق مقدم على المفهوم, فإن المفهوم أحسن أحواله أن يكون كالعام والخاص, وكالقياس مع النص, وهذا

طور بواسطة نورين ميديا © 2015