ولأنه قد تقدم في خطبة عمر أنه خطبهم ليلة الغيم وذكر الصيام والقيام.
وأما إذا علق طلاق نسائه وعتق عبيده بدخول شهر رمضان أو كان عليه دين محله شهر رمضان أو استأجر الدار شهر شعبان ونحو ذلك من الأحكام؛ فإنه لا يحل الدين ولا يقع الطلاق ولا تنقضي مدة الإِجارة في أصح الوجهين, وفي الآخر تثبت الأحكام التي بين الناس تبعاً لوجوب الصوم, كما تثبت شهادة الواحد تبعاً, وليس بجيد؛ لأن في ذلك إسقاط لحق ثابت بمجرد الشك, وذلك لا يجوز, ولأن الصوم إنما وجب احتياطاً, وليس في حقوق الآدميين احتياط, ولأن الوقوع والحلول مما لا يتكرر, وما لا يتكرر لا يشرع فيه الاحتياط كالصلاة والوقوف, ولهذا لو شهد واحد بهلال رمضان؛ وجب الصوم.
وقد ذكر القاضي وأبو الحسين: هل يصام هذا اليوم حكماً من رمضان أم قطعاً؟ على وجهين: أصحهما حكماً, اختاره الخلال وصاحبه والخرقي والقاضيان ابن أبي موسى وأبو يعلى. قال الخلال: يصام بعزيمة من رمضان في الحكم, لا قطع عين في الحقيقة.
والوجه الثاني: ذكر القاضيان أن بعض أصحابنا قال: يصوم قطعاً, وصاحب هذا الوجه إن أراد به أن يقطع النية؛ فهذا صحيح عند هؤلاء؛ كما أن الأسير إذا اشتبهت عليه الأشهر؛ تحرَّى وصام جازماً بالنية, وإن لم يجزم بوجود المنوي, وإن عنى أنه يقطع بدخول الشهر؛ فلا وجه لهذا.
ولو حلف أن الهلال تحت الغيم أو أنه لم يطلع؛ لم يحنث؛ كما لو حلف أن هذا الطائر غراب, وطار ولم يعلم ما هو, ذكره القاضي. ويتخرج: أن يحنث. ولو حلف ليفعلن كذا أول يوم من رمضان, فقال القاضي: لا يبرأ حتى يدخل يوم الإِغمام والذي يليه؛ لأن كل واحد من اليومين يحتمل أن يكون أول الشهر؛ فلا يبرأ إلا بالفعل فيهما؛ كما لو حلف ليفعلن كذا عقب الصلاة التي في ذمته, وقد نسي