منه بان ينوي قبل التكبير ما يريده من الصلاة ويديم استحضار ذلك في قلبه إلى اخر التكبير ليخرج بذلك من الاختلاف ولأنه يستحب له اصطحاب ذكر النية إلى اخر الصلاة فاصطحابه إلى اخر التكبير أولى وليس لهذا أصل في كلام أحمد وأكثر أصحابه وكلام بعضهم يدل على أنه إنما يستحب له اصطحاب ذكر النية إلى حين التكبير وهذا هو المقارنة المستحبة على هذا القول لأنه بعد ذلك ينبغي أن يشتغل بالتكبير وتدبره وفي ذلك شغل عن غيره وكذلك اصطحاب ذكر النية المعتبرة في جميع الصلاة لا يؤمر به على هذا لأن الصلاة فيها ذكر مشروع في جميعها من قراءة وتكبير وتسبيح ودعاء وغير ذلك ففي تدبره شغل عن تصور غيره ولانا قد بينا أن استحضار النية حين النطق بالتكبير بغيره من الاذكار متعذر أو متعسر فيجب تقديم استحضار معنى التكبير لثلاثة أوجه.
أحدها: أنه هو المقصود وإنما النية وسيلة اليه.
الثاني: أن استحضار معناه لا يتقدم النطق به ولا يتأخر عنه فإن معنى اللفظ مقارن له بخلاف النية فإن تقدمها واجب لأن ارادة القول والفعل لا بد أن تسبق المراد.
الثالث: أن الكلام إذا لم يتصور معناه ولم يتدبره كان لفظا بلا معنى وذلك تشبيه له بالمهمل وإخراج له عن حقيقته حتى يصير كجسد لا روح فيه وأما النية فإن استحضارها عند ارادة التكبير كاف وهذا الكلام إنما يرد إذا كانت العبادة قولا من الاقوال كالتكبير فأما إذا كانت فعلا كالوضوء والغسل فإن استدامة ذكر النية في أول جزء من الفعل سهل متيسر لأن استحضار النية لا يشغل عن الفعل وقد يقوى القلب عن استحضار النية