المتكلم فإن هذا لو وقع كان تلبيسا ثم أن هذه الصورة امرها ظاهر لا يخفى على أحد فلا تكاد تقصد بالبيان ثم أن مثل هذه الصورة تقع في الصلاة في جوف الكعبة إذا استقبل الباب مفتوحا ثم أنه جميع المواضع التي ذكر أنه لا تجوز الصلاة فيها من المقبرة والحش والحمام لا يصلي في شيء منها كذلك ظهر الكعبة يجب أن لا يصلى في شيء منه وهذا ظاهر لمن تامله وأيضا فإن هذا اجماع عن السلف كما حكاه أحمد رضي الله عنه وكما سيأتي تقريره وأيضا فقول النبي صلى الله عليه وسلم: "هذه القبلة" وفي حديث اخر استحلال الكعبة البيت الحرام قبلتكم أحياء وامواتا دليل على أن القبلة هو الشيء المبني هناك الذي يشار إليه ويمكن استحلاله وتسمى كعبة وبيتا.
وأيضا فإن الله سبحانه قال: {وَطَهِّرْ بَيْتِيَ لِلطَّائِفِينَ وَالْقَائِمِينَ وَالرُّكَّعِ السُّجُودِ} وقال: {جَعَلَ اللَّهُ الْكَعْبَةَ الْبَيْتَ الْحَرَامَ قِيَاماً لِلنَّاسِ} فبين أن الطواف والركوع والسجود إنما هو متعلق بالبيت والبيت أو الكعبة لا يكون اسما إلا للبناء فأما العرصة والهواء فليس هو بيتا ولا كعبة وأيضا فلو كان استقبال هواء العرصة والطواف به كافيا لم يجب بناء البيت ولم يحتج إليه فلما أمر الله إبراهيم خليله ببناء بيته وبدعاء الناس إلى حجه حينئذ