ويريد بها مقابر المشركين العتق مع أن المفهوم عندهم مقابرهم ولا يجوز أن يريد بها ما يتجدد من القبور دون المقابر الموجودة في زمانه وبلده فإن ما يعرفه المتكلم من افراد العام هو أولى بالدخول في كلامه ثم أنه لو أراد القبور المنبوشة وحدها لوجب أن يقرن بذلك قرينة تدل عليه والا فلا دليل يدل على أن المراد هو هذا ومن المحال أن يحمل الكلام على خلاف الظاهر المفهوم منه غير أن ينصب دليل على ذلك ثم أنه نهانا عما كان يفعله أهل الكتابين من اتخاذ القبور مساجد وأكثر ما اتخذوه من المساجد مقبرة جديدة بل لا يكون إلا كذلك ثم هم يفرشون في تلك الأرض مفارش تحول بينهم وبين تربتها فعلم أنه صلى الله عليه وسلم نهانا عن ذلك.
وبالجملة فمن جعل النهي عن الصلاة في المقبرة لاجل نجاسة الموتى فقط فهو بعيد عن مقصود النبي صلى الله عليه وسلم كما تقدم.
ثم لا يخلوا أما أن يكون القبر قد بني عليه مسجد فلا يصلى في هذا المسجد سواء صلى خلف القبر أو امامه بغير خلاف في المذهب لأن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "إن من كان قبلكم كانوا يتخذون قبور أنبيائهم وصالحيهم مساجد إلا فلا تتخذوا القبور مساجد فاني انهاكم عن ذلك" وقال: "لعن الله اليهود والنصارى اتخذوا قبور انبيائهم مساجد" وقال: "أولئك إذا مات فيهم الرجل الصالح بنوا على قبره مسجدا" الحديث وقال: "لعن الله