وهذا والله أعلم ينزع إلى ذلك لأن الحيات والسباع من اخبث شياطين الدواب وماواها اسوا حالا من ماوى الإبل.
وقد أشار أبو بكر الأثرم إلى نحو من هذه الطريقة فقال لما ذكر حديث زيد بن جبيرة واعتمده وبين الجمع بينه وبين الأحاديث المطلقة فقال قول النبي صلى الله عليه وسلم: "جعلت لي الأرض طهورا ومسجدا" إنما أراد به الخلاف على أهل الكتاب لأنهم لا يصلون إلا في كنائسهم وبيعهم فقال فضلت على الناس بذلك وبغيره ثم استثنى بعد الخلاف عليهم مواضع لمعان غير معاني أهل الكتاب قال الحمام والمقبرة فإن الحمام ليس من بيوت الطهارة لأنه بمنزلة المراحيض الذي يغتسل فيه من الجنابة والحيض والمقبرة أيضا إنما كرهت للتشبه بأهل الكتاب لأنهم يتخذون قبور انبيائهم وصالحيهم مساجد وسائر المواضع التي استثناها إنما كره نجاستها ومعاطن الإبل قال أنها خلقت من الشياطين فقد بين في كل معناه هذا كلام الأثرم وقد تبين بما ذكرناه أن العلة في أكثر هذه المواضع كونها مأوى الشياطين ومألفهم وأن الف الشيطان اياها بسبب النجاسة وغيرها.
فإن قيل فعندكم تجوز الصلاة في الموضع الذي نسي الصلاة فيه وهو موضع شيطان وتجوز في السوق بنص السنة وبها يركز الشيطان