والمجمل اعني ما ذكر فيه الحكم جملة وأن كان بصيغة العموم وهو احق أن يتبع منه على ما هو مستوفي في مواضعه من اصول الفقه فكيف إذا لم يعارضه إلا عموم ضعيف لكونه مخصوصا بصور كثيرة أو قياس ضعيف ثم أن بعض تلك المواضع قد جاء فيها نصوص اخرى مثل جواد الطريق ومثل ظهر بيت الله الحرام فإن فيه اثارا عن الصحابة.

والمزبلة والمجزرة أولى بالمنع من الطريق والحمام فصار ذلك الحديث معتضدا بالآثار التي توافقه وبفحوى الخطاب الذي يطابقه وقوله صلى الله عليه وسلم في حديث أبي سعيد: "الأرض كلها مسجد إلا المقبرة والحمام" يشبه والله أعلم أن يكون إنما استثنى ما على هيئة مخصوصة لا يصلح أن تكون إلا على الوجه المنهي عنه فإن المقبرة والحمام لهما هيئة مخصوصة يتميزان بها عن سائر البقاع واعطان الإبل والمزبلة ونحو ذلك فإنها لا تتميز بنفس هيئة الأرض وإنما تتميز بما يكون فيها.

الوجه الثاني: القياس في المسألة وذلك فيه ثلاثة مسالك.

أحدها: وهو مسلك كثير من أصحابنا منهم أبو بكر والقاضي وغيرهما أن الحكم ثبت تعبدا يتعلق بنفس الأسماء ومفهومها من غير زيادة ولا نقص وإذا قال بعض الفقهاء هذا الحكم تعبد فله تفسيران:

طور بواسطة نورين ميديا © 2015