وَقَالَ ابْنُ أَبِي عَرُوبَةَ - فِي الْمَنَاسِكِ - عَنْ قَتَادَةَ: " إِنْ أَصَابَ الصَّيْدَ مِرَارًا خَطَأً حُكِمَ عَلَيْهِ، وَإِنْ أَصَابَهُ مُتَعَمِّدًا حُكِمَ عَلَيْهِ مَرَّةً وَاحِدَةً، وَمَنْ عَادَ فَيَنْتَقِمُ اللَّهُ مِنْهُ، قَالَ: ذُكِرَ لَنَا أَنَّ رَجُلًا عَادَ فِي عَمْدٍ، فَبَعَثَ اللَّهُ عَلَيْهِ نَارًا فَأَكَلَتْهُ ".
وَأَيْضًا: فَإِنَّهُ إِذَا تَكَرَّرَ مِنْهُ الْقَتْلُ: فَقَدْ تَغَلَّظَ الذَّنْبُ وَلَحِقَ بِالْكَبَائِرِ الْغَلِيظَةِ وَتِلْكَ لَا كَفَّارَةَ فِيهَا كَقَتْلِ الْعَمْدِ وَالزِّنَا، وَالْيَمِينِ الْغَمُوسِ، وَنَحْوِ ذَلِكَ بِخِلَافِ أَوَّلِ مَرَّةٍ فَإِنَّهُ قَدْ يُعْذَرُ.
وَوَجْهُ الْأَوَّلِ: أَنَّ اللَّهَ قَالَ: {لَا تَقْتُلُوا الصَّيْدَ} [المائدة: 95] وَهَذَا نَهْيٌ عَنْ قَتْلِهِ فِي كُلِّ مَرَّةٍ؛ ثُمَّ قَالَ: {وَمَنْ قَتَلَهُ مِنْكُمْ مُتَعَمِّدًا} [المائدة: 95] وَهَذَا يَعُمُّ جَمِيعَ الصَّيْدِ، وَجَمِيعَ الْقَتْلَاتِ عَلَى سَبِيلِ الْجَمْعِ وَالْبَدَلِ، كَمَا يَعُمُّ جَمِيعَ الْقَاتِلِينَ، كَمَا عَمَّ قَوْلُهُ: {وَمَنْ قَتَلَ مُؤْمِنًا خَطَأً فَتَحْرِيرُ رَقَبَةٍ مُؤْمِنَةٍ وَدِيَةٌ مُسَلَّمَةٌ إِلَى أَهْلِهِ} [النساء: 92]. وَيُوجِبُ أَيْضًا تَكَرُّرَ الْجَزَاءِ بِتَكَرُّرِ شَرْطِهِ كَمَا فِي قَوْلِهِ: {فَمَنْ كَانَ مِنْكُمْ مَرِيضًا أَوْ بِهِ أَذًى مِنْ رَأْسِهِ} [البقرة: 196] وَكَمَا فِي قَوْلِهِ: {إِذَا قُمْتُمْ إِلَى الصَّلَاةِ فَاغْسِلُوا} [المائدة: 6] هَذَا هُوَ الْمَعْهُودُ فِي خِطَابِ الشَّرْعِ. وَإِنْ لَمْ يُحْمَلْ خِطَابُ النَّاسِ عَلَى ذَلِكَ. عَلَى أَنَّ