وَقَدْ قَالَ فِي رِوَايَةِ أَبِي طَالِبٍ فِي مُحْرِمٍ أَتَى أَهْلَهُ دُونَ الْفَرْجِ: فَسَدَ حَجُّهُ ; لِأَنَّهُ قَدْ قَضَى حَاجَتَهُ.
وَلَمْ يَذْكُرْ إِنْزَالًا، لَكِنْ قَدْ يُحْمَلُ عَلَى الْغَالِبِ.
الْمَسْأَلَةُ الثَّانِيَةُ: إِذَا أَنْزَلَ الْمَنِيَّ بِالْمُبَاشَرَةِ بِقُبْلَةٍ أَوْ غَمْزٍ أَوْ بِالْوَطْءِ دُونَ الْفَرَجِ وَنَحْوِ ذَلِكَ، فَهَلْ يَفْسُدُ نُسُكُهُ؟ عَلَى ثَلَاثِ رِوَايَاتٍ:
أَحَدُهَا: يَفْسُدُ حَجُّهُ كَالْوَطْءِ فِي الْفَرْجِ، نَقَلَهَا الْمَرُّوذِيُّ فِي الْقُبْلَةِ، وَنَقَلَهَا أَبُو طَالِبٍ وَابْنُ إِبْرَاهِيمَ فِي الْوَطْءِ دُونَ الْفَرْجِ، وَهَذَا اخْتِيَارُ الْقَاضِي وَأَصْحَابِهِ ; لِأَنَّ كُلَّ عِبَادَةٍ أَفْسَدَهَا الْوَطْءُ أَفْسَدَهَا الْإِنْزَالُ عَنْ مُبَاشَرَةٍ كَالصِّيَامِ وَالِاعْتِكَافِ لَا سِيَّمَا وَمَنْعُ الْإِحْرَامِ مِنَ الْمُبَاشَرَةِ أَشَدُّ مِنْ مَنْعِ الصِّيَامِ، فَإِذَا أَفْسَدَ مَا لَا يَعْظُمُ وَقْعُهُ فِيهِ، فَإِفْسَادُ مَا يَعْظُمُ وَقْعُهُ أَوْلَى.
وَأَيْضًا فَإِنَّ الْمُبَاشَرَةَ مَعَ الْإِنْزَالِ قَدْ يَحْصُلُ بِهَا مِنَ الْمَقْصُودِ وَاللَّذَّةِ أَكْثَرُ مِنَ الْوَطْءِ الْمُجَرَّدِ عَنْ إِنْزَالٍ ; وَلِهَذَا مَا زَالَ الْإِنْزَالُ مُوجِبًا لِلْغُسْلِ، وَالْوَطْءُ الْمُجَرَّدُ