أَهْلِ السِّيَرِ ذَكَرُوا أَنَّ مَيْمُونَةَ كَانَتْ قَدْ بَانَتْ مِنْ زَوْجِهَا بِمَكَّةَ وَلَمْ تَكُنْ مَعَ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي عُمْرَتِهِ، فَإِنَّهُ لَمْ يَقْدَمْ بِهَا مِنَ الْمَدِينَةِ، وَإِذَا كَانَتْ مُقِيمَةً بِمَكَّةَ فَكَيْفَ تَكُونُ مُحْرِمَةً مَعَهُ بِسَرِفَ، أَمْ كَيْفَ وَإِنَّمَا بَعَثَ إِلَيْهَا جَعْفَرَ بْنَ أَبِي طَالِبٍ خَطَبَهَا، وَهُوَ يُوهِنُ الْحَدِيثَ وَيُعَلِّلُهُ.
السَّابِعُ: أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ تَزَوَّجَهَا فِي عُمْرَةِ الْقَضِيَّةِ فِي خُرُوجِهِ، وَرَجَعَ بِهَا مَعَهُ مِنْ مَكَّةَ، وَإِنَّمَا كَانَ يُحْرِمُ مِنْ ذِي الْحُلَيْفَةِ فَيُشْبِهُ أَنْ تَكُونَ الشُّبْهَةُ دَخَلَتْ عَلَى مَنِ اعْتَقَدَ أَنَّهُ تَزَوَّجَهَا مُحْرِمًا مِنْ هَذِهِ الْجِهَةِ، فَإِنَّ ظَاهِرَ الْحَالِ أَنَّهُ تَزَوَّجَهَا فِي حَالِ إِحْرَامِهِ.
أَمَّا مَنْ رَوَى أَنَّهُ تَزَوَّجَهَا حَلَالًا فَقَدِ اطَّلَعَ عَلَى حَقِيقَةِ الْأَمْرِ وَأَخْبَرَ بِهِ، فَإِمَّا أَنْ يَكُونَ تَزَوَّجَهَا قَبْلَ الْإِحْرَامِ أَوْ بَعْدَ قَضَاءِ عُمْرَتِهِ، لَا سِيَّمَا وَمَنْ رَوَى أَنَّهُ تَزَوَّجَهَا قَبْلَ الْإِحْرَامِ مَعَهُ مَزِيدُ عِلْمٍ.
وَقَدْ رَوَى مَالِكٌ عَنْ رَبِيعَةَ عَنْ سُلَيْمَانَ بْنِ يَسَارٍ «أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بَعَثَ مَوْلَاهُ أَبَا رَافِعٍ وَرَجُلًا مِنَ الْأَنْصَارِ، فَزَوَّجَاهُ مَيْمُونَةَ بِنْتَ الْحَارِثِ وَرَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِالْمَدِينَةِ قَبْلَ أَنْ يَخْرُجَ» " وَرَوَاهُ الْحُمَيْدِيُّ عَنْ عَبْدِ الْعَزِيزِ