" شِقَّ حِمَارِ وَحْشٍ فَرَدَّهُ " وَفِي رِوَايَةٍ: " عَجُزَ وَحْشٍ يَقْطُرُ دَمًا " رَوَاهُنَّ مُسْلِمٌ وَغَيْرُهُ.
فَهَذَا لَمْ يَكُنِ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَعَانَ عَلَيْهِ بِوَجْهٍ مِنَ الْوُجُوهِ، وَلَا أَمَرَ بِهِ وَلَا عَلِمَ أَنَّهُ يُصَادُ لَهُ، وَإِنَّمَا يُشْبِهُ وَاللَّهُ أَعْلَمُ أَنْ يَكُونَ قَدْ رَأَى لَمَّا أَهْدَاهُ أَنَّهُ صَادَهُ لِأَجْلِهِ ; لِأَنَّ النَّاسَ كَانُوا قَدْ تَسَامَعُوا بِقُدُومِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَكُلٌّ يُحِبُّ أَنْ يَقْتَرِبَ إِلَيْهِ وَيَهْدِيَ إِلَيْهِ، فَلَعَلَّ الصَّعْبَ إِنَّمَا صَادَهُ لِأَجْلِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ.
وَإِذَا كَانَ هَذَا يَكُونُ تَرْكُهُ وَاجِبًا، أَوْ يَكُونُ خَشِيَ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنْ يَكُونَ صِيدَ لِأَجْلِهِ، فَيَكُونُ قَدْ تَرَكَهُ تَنَزُّهًا، وَكَذَلِكَ قَالَ الشَّافِعِيُّ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، كَمَا كَانَ يَدَعُ التَّمْرَةَ خَشْيَةَ أَنْ تَكُونَ مِنْ تَمْرِ الصَّدَقَةِ.
وَعَنْ طَاوُسٍ قَالَ: «قَدِمَ زَيْدُ بْنُ أَرْقَمَ فَقَالَ لَهُ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عَبَّاسٍ يَسْتَذْكِرُهُ: كَيْفَ أَخْبَرْتَنِي عَنْ لَحْمِ صَيْدٍ أُهْدِيَ إِلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَهُوَ حَرَامٌ، قَالَ: " أُهْدِيَ لَهُ عُضْوٌ مِنْ لَحْمِ صَيْدٍ فَرَدَّهُ، وَقَالَ: إِنَّا لَا نَأْكُلُهُ إِنَّا حُرُمٌ».