لِقَوْلِهِ: {قِتَالٌ فِيهِ كَبِيرٌ} [البقرة: 217] وَقَوْلِهِ: {فَاقْتُلُوا الْمُشْرِكِينَ حَيْثُ وَجَدْتُمُوهُمْ} [التوبة: 5] نَاسِخًا لِقَوْلِهِ: {وَلَا تُقَاتِلُوهُمْ عِنْدَ الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ} [البقرة: 191] فَكَيْفَ وَمَا ذَكَرْنَاهُ بَعِيدٌ عَنِ الْمُطْلَقِ وَالْمُقَيَّدِ.

الْوَجْهُ السَّادِسُ: «أَنَّ عَبْدَ الرَّحْمَنِ لَمَّا أَنْكَرَ عَلَيْهِ عُمَرُ الْخُفَّ قَالَ: قَدْ لَبِسْتُهُ مَعَ مَنْ هُوَ خَيْرٌ مِنْكَ يَعْنِي رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ» - فَقَدْ بَيَّنَ أَنَّهُ لَبِسَ الْخُفَّ مَعَ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَإِنَّمَا كَانَ خُفًّا صَحِيحًا وَهَذَا بَيِّنٌ.

السَّابِعُ: أَنَّ أَكَابِرَ الصَّحَابَةِ؛ مِثْلَ عُمَرَ وَعَلِيٍّ وَعَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ عَوْفٍ وَعَائِشَةَ وَابْنِ عَبَّاسٍ: رَخَّصُوا فِي لُبْسِ الْخُفَّيْنِ وَالسَّرَاوِيلَاتِ وَتَرْكِ قَطْعِهِمَا، وَمَعْلُومٌ أَنَّ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قَدْ نَهَى الْمُحْرِمَ عَنْ لُبْسِ الْخِفَافِ وَالسَّرَاوِيلَاتِ نَهْيًا عَامًّا قَدْ عَلِمَ ذَلِكَ كُلُّ أَحَدٍ، فَتَرْخِيصُهُمْ لِمَنْ لَمْ يَجِدِ الْإِزَارَ وَالنَّعْلَ: أَنْ يَلْبَسَ السَّرَاوِيلَ وَالْخُفَّ لَا يَجُوزُ أَنْ يَكُونَ بِاجْتِهَادٍ بَلْ لَا بُدَّ أَنْ يَكُونَ عَنْ عِلْمٍ عِنْدَهُمْ بِالسُّنَّةِ. ثُمَّ ابْنُ عُمَرَ أَمَرَ بِالْقَطْعِ وَغَيْرُهُ لَمْ يَأْمُرْ بِهِ، بَلْ جَوَّزَ لُبْسَ الصَّحِيحِ، وَمَعْلُومٌ أَنَّ ابْنَ عُمَرَ اعْتُبِرَ سَمَاعُهُ بِالْمَدِينَةِ، فَلَوْ لَمْ يَكُنْ عِنْدَ الْبَاقِينَ عِلْمٌ نَاسِخٌ يَنْسَخُ ذَلِكَ، وَمَجِيءُ الرُّخْصَةِ فِي بَعْضِ مَا قَدْ كَانَ حُظِرَ لَمْ يُحِلُّوا الْحَرَامَ، فَإِنَّ الْقِيَاسَ لَا يَقْتَضِي. . . .

الثَّامِنُ: أَنَّ مِنْ أَصْحَابِنَا مَنْ حَمَلَ حَدِيثَ ابْنِ عُمَرَ عَلَى جَوَازِ الْقَطْعِ كَمَا سَيَأْتِي، وَيَكُونُ فَائِدَةُ التَّخْصِيصِ أَنَّ قَطْعَهُمَا فِي غَيْرِ الْإِحْرَامِ يُنْهَى عَنْهُ بِخِلَافِ حَالِ الْإِحْرَامِ فَإِنَّ فِيهِ فَائِدَةً وَهُوَ التَّشْبِيهُ بِفِعْلِ الْمُحْرِمِ، وَيُقَوِّي ذَلِكَ: أَنَّ الْقَطْعَ

طور بواسطة نورين ميديا © 2015