ثُمَّ لَمَّا دَنَوْا مِنَ الْعَدُوِّ أَمَرَهُمْ بِهِ أَمْرَ عَزِيمَةٍ، وَكَمَا أَمَرَهُمْ بِالْإِحْلَالِ فِي عُمْرَةِ الْحُدَيْبِيَةِ أَمْرَ عَزِيمَةٍ لَمَّا رَآهُمْ قَدْ كَرِهُوا الصُّلْحَ، وَمَعْلُومٌ أَنَّهُ لَوْ لَمْ يُصَالِحْهُمْ، وَمَضَى فِي عُمْرَتِهِ لَكَانَ جَائِزًا. عَلَى أَنَّ بِلَالًا لَمْ يُبَيِّنْ مَنْ يَعُودُ الضَّمِيرُ إِلَيْهِ فِي قَوْلِهِ: لَنَا، فَيَجُوزُ أَنْ يَعُودَ الضَّمِيرُ إِلَى ذَلِكَ الْوَفْدِ كَمَا تَقَدَّمَ، وَيَجُوزُ أَنْ يَكُونَ بِلَالٌ مِمَّنْ لَمْ يَسُقِ الْهَدْيَ، فَقَالَ: هُوَ لَنَا: مَنْ لَا هَدْيَ مَعَهُ خَاصَّةً أَمْ لِلنَّاسِ عَامَّةً، فَقَالَ: بَلْ لَنَا خَاصَّةً.

وَأَمَّا قَوْلُهُمْ: فَهَلَّا وَجَبَ الْفَسْخُ عَلَى كُلِّ حَاجٍّ، وَصَارَ كُلُّ مَنْ طَافَ بِالْبَيْتِ حَلَالًا، سَوَاءٌ قَصَدَ التَّحَلُّلَ، أَوْ لَمْ يَقْصِدْ، كَمَا يُرْوَى عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، وَامْتَنَعَ الْإِفْرَادُ وَالْقِرَانُ لِكَوْنِهِمَا مَفْسُوخَيْنِ.

قُلْنَا: لِأَنَّ أَصْحَابَ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - مِنْ بَعْدِهِ حَجُّوا مُفْرِدِينَ، [وَقَارِنِينَ كَمَا تَقَدَّمَ ذِكْرُهُ عَنْ أَبِي بَكْرٍ وَعُمَرَ وَعُثْمَانَ] وَابْنِ الزُّبَيْرِ وَغَيْرِهِمْ. فَعَلِمَ أَنَّهُمْ لَمْ يَفْهَمُوا وُجُوبَ التَّمَتُّعِ مُطْلَقًا.

وَأَمَّا مَا ذُكِرَ عَنْ أَبِي ذَرٍّ وَغَيْرِهِ مِنَ الصَّحَابَةِ فِي أَنَّهُمْ كَانُوا مَخْصُوصِينَ بِالْمُتْعَةِ - فَقَدْ عَارَضَ ذَلِكَ أَبُو مُوسَى، وَابْنُ عَبَّاسٍ، وَبَنُو هَاشِمٍ، وَهُمْ أَهْلُ

طور بواسطة نورين ميديا © 2015