وَالدَّلِيلُ عَلَى أَنَّ فَسْخَ الْحَجِّ إِلَى الْعُمْرَةِ جَائِزٌ، وَأَنَّهُ هُوَ الْأَفْضَلُ مِنَ الْمَقَامِ عَلَى الْحَجِّ لِمَنْ يُرِيدُ أَنْ يَحُجَّ وَيَعْتَمِرَ فِي سَفْرَةٍ وَاحِدَةٍ، هَذِهِ الْأَحَادِيثُ الصِّحَاحُ الصِّرَاحُ الَّتِي ذَكَرْنَاهَا مَعَ مَا احْتَجَّ بِهِ ابْنُ عَبَّاسٍ مِنْ ظَاهِرِ الْقُرْآنِ.
قَالَ أَحْمَدُ فِي - رِوَايَةِ عَبْدِ اللَّهِ -: كَانَ ابْنُ عَبَّاسٍ يَخْتَارُ الْمُتْعَةَ مِنْ أَمْرِ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أَصْحَابَهُ بِالْإِحْلَالِ، قَالَ: ثَنَا يَحْيَى بْنُ سَعِيدٍ، عَنِ ابْنِ جُرَيْجٍ قَالَ: أَخْبَرَنِي عَطَاءٌ قَالَ: قُلْتُ لَهُ: مِنْ أَيْنَ كَانَ ابْنُ عَبَّاسٍ أَخَذَ أَنَّهُ مَنْ طَافَ بِالْبَيْتِ فَقَدْ حَلَّ؟ قَالَ: مِنْ قَوْلِ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ: " {ثُمَّ مَحِلُّهَا إِلَى الْبَيْتِ الْعَتِيقِ} [الحج: 33] " وَمِنْ أَمْرِ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أَصْحَابَهُ أَنْ يَحِلُّوا فِي حَجَّةِ الْوَدَاعِ، فَكَأَنَّ ابْنَ عَبَّاسٍ رَأَى أَنَّ الشَّعَائِرَ: اسْمٌ يَجْمَعُ مَوَاضِعَ النُّسُكِ، كَمَا قَالَ تَعَالَى: " {إِنَّ الصَّفَا وَالْمَرْوَةَ مِنْ شَعَائِرِ اللَّهِ} [البقرة: 158] "، وَقَالَ: " {الْمَشْعَرِ الْحَرَامِ} [البقرة: 198] "، وَيَعُمُّ الْأَفْعَالَ الَّتِي يَفْعَلُهَا النَّاسِكُ، وَيَعُمُّ الْهَدَايَا الَّتِي تُهْدَى إِلَى الْبَيْتِ. وَبَيَّنَ أَنَّ مَحِلَّ. . .