قُلْنَا: قَدْ تَقَدَّمَ أَنَّ أَحْمَدَ حَكَمَ بِأَنَّهُ مُسْنَدٌ، وَأَنَّهُ مِنْ قَوْلِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَيَكُونُ قَدِ اطَّلَعَ عَلَى ثِقَةِ مَنْ رَفَعَهُ، وَقَرَّرَ رَفْعَهُ جَمَاعَةٌ.

عَلَى أَنَّهُ إِنْ كَانَ مَوْقُوفًا فَلَيْسَ لِابْنِ عَبَّاسٍ مُخَالِفٌ.

فَوَجْهُ الْحُجَّةِ: أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَمَرَهُ أَنْ يَحُجَّ عَنْ نَفْسِهِ، ثُمَّ يَحُجَّ عَنْ شُبْرُمَةَ، وَسَتَأْتِي بَقِيَّةُ الْأَلْفَاظِ الدَّالَّةِ عَلَى أَنَّ تِلْكَ لَمْ تَجُزْ عَنْ شُبْرُمَةَ، وَلَمْ يُفَصِّلْ بَيْنَ أَنْ يَكُونَ الْحَاجُّ مُسْتَطِيعًا وَاجِدًا لِلزَّادِ وَالرَّاحِلَةِ، أَوْ لَا يَكُونَ، وَتَرْكُ الِاسْتِفْصَالِ وَالتَّعْرِيفِ فِي حِكَايَةِ الْأَحْوَالِ يَدُلُّ عَلَى الْعُمُومِ.

وَأَيْضًا فَإِنَّ الْحَجَّ وَاجِبٌ فِي أَوَّلِ سَنَةٍ مِنْ سِنِي الْإِمْكَانِ فَإِذَا أَمْكَنَهُ فِعْلُهُ عَنْ نَفْسِهِ لَمْ يَجُزْ أَنْ يَفْعَلَهُ عَنْ غَيْرِهِ؛ لِأَنَّ الْأَوَّلَ فَرْضٌ، وَالثَّانِيَ نَفْلٌ كَمَنْ عَلَيْهِ دَيْنٌ هُوَ مُطَالَبٌ بِهِ، وَمَعَهُ دَرَاهِمُ بِقَدْرِهِ لَمْ يَكُنْ لَهُ أَنْ يَصْرِفَهَا إِلَّا إِلَى دَيْنِهِ، وَكَذَلِكَ كَلُّ مَا احْتَاجَ إِلَى صَرْفِهِ فِي وَاجِبٍ عَنْهُ فَلَمْ يَكُنْ لَهُ أَنْ يَفْعَلَهُ عَنْ غَيْرِهِ.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015