وَقَالَ - فِي رِوَايَةِ حَنْبَلٍ - وَقَدْ سُئِلَ عَنِ الْقَارِنِ كَمْ يَطُوفُ وَيَسْعَى بَيْنَ الصَّفَا وَالْمَرْوَةِ - فَقَالَ: يُجْزِئُهُ طَوَافٌ وَاحِدٌ إِذَا دَخَلَ بِالْحَجِّ وَالْعُمْرَةِ، فَإِنْ دَخَلَ مُتَمَتِّعًا بِعُمْرَةٍ ثُمَّ حَجَّ فَأَرَى أَنْ يَسْعَى سَعْيًا لِلْعُمْرَةِ وَسَعْيًا لِلْحَجِّ. هَذَا هُوَ الْمَعْرُوفُ عِنْدَ أَصْحَابِنَا.
وَالرِّوَايَةُ الثَّانِيَةُ: يَكْفِيهِ سَعْيٌ وَاحِدٌ، قَالَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ أَحْمَدَ: قُلْتُ لِأَبِي: الْمُتَمَتِّعُ كَمْ يَسْعَى بَيْنَ الصَّفَا وَالْمَرْوَةِ؟ قَالَ: إِنْ طَافَ طَوَافَيْنِ فَهُوَ أَجْوَدُ، وَإِنْ طَافَ طَوَافًا وَاحِدًا فَلَا بَأْسَ، وَإِنْ طَافَ طَوَافَيْنِ فَهُوَ أَعْجَبُ إِلَيَّ، وَاحْتَجَّ بِحَدِيثِ جَابِرٍ: «لَمْ يَطُفِ النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَلَا أَصْحَابُهُ بَيْنَ الصَّفَا وَالْمَرْوَةِ إِلَّا طَوَافًا وَاحِدًا؛ طَوَافَهُ الْأَوَّلَ».
وَقَالَ الْمَرُّوذِيُّ: قَالَ أَبُو عَبْدِ اللَّهِ: إِنْ شَاءَ الْقَارِنُ طَافَ طَوَافًا وَاحِدًا، وَإِنْ شَاءَ الْمُتَمَتِّعُ طَافَ طَوَافًا وَاحِدًا.
وَهَذَا هُوَ الصَّوَابُ بِلَا شَكٍّ ; لِحَدِيثِ جَابِرٍ الْمَذْكُورِ، وَكَذَلِكَ عَامَّةُ الْأَحَادِيثِ، فِيهَا أَنَّ أَصْحَابَ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - إِنَّمَا طَافُوا بَيْنَ الصَّفَا وَالْمَرْوَةِ الطَّوَافَ الْأَوَّلَ، وَمَنْ قَالَ مِنْ أَصْحَابِنَا: إِنَّ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - كَانَ مُتَمَتِّعًا. فَهَذَا لَازِمٌ لَهُ ; لِأَنَّ الْأَحَادِيثَ الصَّحِيحَةَ لَمْ تَخْتَلِفْ أَنَّ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - لَمْ يَسْعَ بَيْنَ الصَّفَا وَالْمَرْوَةِ إِلَّا مَرَّةً وَاحِدَةً، وَأَنَّهُ لَمَّا طَافَ طَوَافَ الْإِفَاضَةِ لَمْ يَسْعَ بَعْدَهُ، وَهَذَا بَيِّنٌ فِي حَدِيثِ ابْنِ عُمَرَ، وَابْنِ عَبَّاسٍ، وَعَائِشَةَ، وَجَابِرٍ، وَغَيْرِهِمْ، وَقَدْ تَقَدَّمَ كَثِيرٌ مِنْ ذَلِكَ فِيمَا مَضَى.