مِنْ شَعْرِهِ وَلَا ظُفْرِهِ»، فَالَّذِي يُرِيدُ الْحَجَّ أَعْظَمُ مِنْ ذَلِكَ، فَيُسْتَحَبُّ لَهُ أَنْ يُحْرِمَ مِنْ أَوَّلِ الْعَشْرِ، وَإِنْ لَمْ يُحْرِمْ فَقَدْ رَوَى عَبْدُ اللَّهِ بْنُ السَّائِبِ الْمَخْزُومِيُّ قَالَ: قَالَ عُمَرُ - رَحِمَهُ اللَّهُ -: " تَجَرَّدُوا فِي الْحَجِّ وَإِنْ لَمْ تُحْرِمُوا ".

وَالرِّوَايَةُ الْأُولَى: اخْتِيَارُ الْقَاضِي وَغَيْرِهِ ; لِأَنَّهُ ثَبَتَ أَنَّهُ لَا يُسْتَحَبُّ تَقْدِيمُ الْإِحْرَامِ عَلَى الْمِيقَاتِ الْمَكَانِيِّ، فَكَذَلِكَ عَلَى الْمِيقَاتِ الزَّمَانِيِّ.

وَلِأَنَّ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - لَمَّا حَجَّ حَجَّةَ الْوَدَاعِ لَمْ يُنْقَلْ أَنَّهُ أَمَرَ أَهْلَ مَكَّةَ بِالْإِحْرَامِ مِنْ أَوَّلِ الْعَشْرِ، وَلَا قَبْلَ يَوْمِ التَّرْوِيَةِ.

وَلِأَنَّ السُّنَّةَ لِلْمُحْرِمِ أَنْ يُحْرِمَ عِنْدَ إِرَادَةِ السَّفَرِ ; بِدَلِيلِ أَنَّ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - بَاتَ بِذِي الْحُلَيْفَةِ وَلَمْ يُحْرِمْ حَتَّى أَرَادَ الرَّحِيلَ، فَإِمَّا أَنْ يُحْرِمَ وَيُقِيمَ مَكَانَهُ، أَوْ يُقِيمَ بِمِصْرٍ مِنَ الْأَمْصَارِ ... ، وَبِهَذَا احْتَجَّ ابْنُ عُمَرَ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - ; عَنْ عَطَاءٍ قَالَ: " رَأَيْتُ ابْنَ عُمَرَ - رَحِمَهُ اللَّهُ - وَهُوَ فِي الْمَسْجِدِ، فَقِيلَ لَهُ: قَدْ رُئِيَ هِلَالُ ذِي الْحِجَّةِ، فَخَلَعَ قَمِيصَهُ ثُمَّ أَحْرَمَ، ثُمَّ رَأَيْتُهُ فِي الْعَامِ الْمُقْبِلِ وَهُوَ فِي الْبَيْتِ، فَقِيلَ لَهُ: قَدْ رُئِيَ هِلَالُ ذِي الْحِجَّةِ، فَخَلَعَ قَمِيصَهُ ثُمَّ أَحْرَمَ، فَلَمَّا كَانَ الْعَامُ الثَّالِثُ قِيلَ لَهُ: قَدْ رُئِيَ هِلَالُ ذِي الْحِجَّةِ، فَقَالَ: وَمَا أَنَا إِلَّا كَرَجُلٍ مِنْ أَصْحَابِي، وَمَا أَرَانِي أَفْعَلُ إِلَّا كَمَا فَعَلُوا، فَأَمْسَكَ حَتَّى كَانَ يَوْمُ التَّرْوِيَةِ فَأَتَى الْبَطْحَاءَ فَلَمَّا اسْتَوَتْ بِهِ رَاحِلَتُهُ أَحْرَمَ ". وَعَنْ مُجَاهِدٍ نَحْوُ ذَلِكَ، قَالَ: " يَعْنِي فَسَأَلْتُهُ عَنْ ذَلِكَ فَقَالَ: إِنِّي كُنْتُ امْرَأً مِنْ أَهْلِ الْمَدِينَةِ، فَأَحْبَبْتُ أَنْ أُهِلَّ

طور بواسطة نورين ميديا © 2015