وَحَلَّ إِنْ شَاءَ، ثُمَّ هَلْ يَحِلُّ فِي الْعَشْرِ بِالتَّقْصِيرِ؟ مَبْنِيٌّ عَلَى مَا سَبَقَ ; لَكِنَّ الْمَنْصُوصَ عَنْهُ أَنَّهُ يَحِلُّ بِهِ، قَالَ - فِي رِوَايَةِ يُوسُفَ بْنِ مُوسَى وَحَرْبٍ - فِيمَنْ قَدِمَ مُتَمَتِّعًا وَسَاقَ الْهَدْيَ: فَإِنْ قَدِمَ فِي شَوَّالٍ نَحَرَ الْهَدْيَ وَحَلَّ وَعَلَيْهِ هَدْيٌ آخَرُ، وَإِذَا قَدِمَ فِي الْعَشْرِ أَقَامَ عَلَى إِحْرَامِهِ وَلَمْ يَحِلَّ، فَقِيلَ لَهُ: «مُعَاوِيَةُ يَقُولُ: قَصَّرْتُ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - بِمِشْقَصٍ»؟ فَقَالَ: إِنَّمَا حَلَّ بِمِقْدَارِ التَّقْصِيرِ وَيَرْجِعُ حَرَامًا مَكَانَهُ.
وَقَالَ - فِي رِوَايَةِ أَبِي طَالِبٍ -: إِذَا كَانَ قَبْلَ الْعَشْرِ نَحْرٌ وَلَا يَضِيعُ، لَا يَمُوتُ، لَا يُسْرَقُ، وَهَذَا هُوَ الَّذِي ذَكَرَهُ الْقَاضِي فِي الْمُجَرَّدِ مِنْ غَيْرِ خِلَافٍ، قَالَ: لِأَنَّ لَهُ قَبْلَ الْعَشْرِ أَنْ يَنْحَرَ الْهَدْيَ وَيَبْقَى بِلَا هَدْيٍ، وَفِي الْعَشْرِ لَيْسَ لَهُ أَنْ يَنْحَرَ الْهَدْيَ فَلَا يَتَحَلَّلُ، وَعَامَّةُ أَصْحَابِنَا عَلَى أَنَّهُ مَمْنُوعٌ مِنَ الْإِحْلَالِ إِذَا قَدِمَ فِي الْعَشْرِ رِوَايَةً وَاحِدَةً، وَقَالَ الْقَاضِي - فِي خِلَافِهِ -: هَذِهِ الرِّوَايَةُ تَقْتَضِي أَنَّ سَوْقَ الْهَدْيِ لَا يَمْنَعُ التَّحَلُّلَ عِنْدَهُ، وَإِنَّمَا اسْتُحِبَّ لَهُ الْمُقَامُ عَلَى إِحْرَامِهِ إِذَا دَخَلَ فِي الْعَشْرِ ; لِأَنَّهُ لَا يَطُولُ تَلَبُّسُهُ بِالْإِحْرَامِ، وَإِذَا دَخَلَ قَبْلَ الْعَشْرِ طَالَ تَلَبُّسُهُ فَلَا يَأْمَنُ مُوَاقَعَةَ الْمَحْظُورِ.
وَالطَّرِيقَةُ الْمَشْهُورَةُ، هِيَ الصَّوَابُ.
وَوَجْهُ ذَلِكَ: أَنَّ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَأَصْحَابَهُ إِنَّمَا قَدِمُوا فِي الْعَشْرِ، وَمَنَعَهُمْ