مِنْكُمْ أَهْدَى فَلْيَطُفْ بِالْبَيْتِ وَبِالصَّفَا وَالْمَرْوَةِ وَلْيُقَصِّرْ وَلْيَحْلِلْ، ثُمَّ لِيُهِلَّ بِالْحَجِّ وَلْيُهْدِ، ... الْحَدِيثَ» " مُتَّفَقٌ عَلَيْهِمَا.
وَقَدْ تَقَدَّمَتِ الْأَحَادِيثُ أَنَّهُ أَمَرَهُمْ أَنْ يُحِلُّوا الْحِلَّ كُلَّهُ، وَأَنَّهُمْ لَبِسُوا الثِّيَابَ، وَأَتَوُا النِّسَاءَ.
وَلَوْ حَلَقَ جَازَ، وَقَدْ رَوَى يَزِيدُ بْنُ أَبِي زِيَادٍ عَنْ مُجَاهِدٍ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ: " «أَهَلَّ النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - بِالْحَجِّ فَلَمَّا قَدِمَ طَافَ بِالْبَيْتِ وَبَيْنَ الصَّفَا وَالْمَرْوَةِ، وَلَمْ يُقَصِّرْ وَلَمْ يَحِلَّ مِنْ أَجْلِ الْهَدْيِ، وَأَمَرَ مَنْ لَمْ يَكُنْ سَاقَ الْهَدْيَ أَنْ يَطُوفَ وَأَنْ يَسْعَى وَيُقَصِّرَ أَوْ يَحْلِقَ» " رَوَاهُ أَبُو دَاوُدَ.
(فَصْلٌ)
وَأَمَّا مَنْ سَاقَ الْهَدْيَ فَفِيهِ ثَلَاثُ رِوَايَاتٍ ; إِحْدَاهُنَّ: لَا يَنْحَرُ هَدْيَهُ، وَلَا يَحِلُّ مِنْ إِحْرَامِهِ بِتَقْصِيرٍ وَلَا غَيْرِهِ إِلَى يَوْمِ النَّحْرِ سَوَاءٌ قَدِمَ مِنْ مَكَّةَ فِي الْعَشْرِ أَوْ قَبْلَهُ، قَالَ - فِي رِوَايَةِ - حَنْبَلٍ: إِذَا قَدِمَ فِي أَشْهُرِ الْحَجِّ وَقَدْ سَاقَ الْهَدْيَ لَا يَحِلُّ حَتَّى يَنْحَرَهُ، وَالْعَشْرُ أَوْكَدُ إِذَا قَدِمَ فِي الْعَشْرِ لَمْ يَحِلَّ ; لِأَنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قَدِمَ فِي الْعَشْرِ وَلَمْ يَحِلَّ.
وَهَذِهِ الرِّوَايَةُ هِيَ الْمَشْهُورَةُ عِنْدَ أَصْحَابِنَا فَيُمْنَعُ مِنَ الْإِحْلَالِ وَالنَّحْرِ سَوَاءٌ كَانَ مُفْرِدًا لِلْحَجِّ، أَوْ مُتَمَتِّعًا، أَوْ قَارِنًا، وَهَذَا مِمَّا اسْتَفَاضَ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -، وَقَدْ تَقَدَّمَ ذِكْرُ ذَلِكَ فِي حَدِيثِ ابْنِ عُمَرَ وَعَائِشَةَ: " «تَمَتَّعَ رَسُولُ اللَّهِ