بيان هذا أنه قد "اتفق أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم على بيعة عثمان بعد عمر رضي الله عنهما"1. "فقد ثبت بالنقل الصحيح في صحيح البخاري، وغير البخاري أن أمير المؤمنين عمر بن الخطاب لما جعل الخلافة شورى في ستة أنفس: عثمان، وعلي، وطلحة، والزبير، وسعد، وعبد الرحمن بن عوف – ولم يدخل معهم سعيد بن زيد، وهو أحد العشرة المشهود لهم بالجنة، وكان من بني عدي قبيلة عمر، وقال عن ابنه عبد الله: يحضركم عبد الله، وليس له في الأمر شيء، ووصى أن يصلي صهيب بعد موته حتى يتفقوا على واحد.
فلما توفي عمر، واجتمعوا عند المنبر. قال طلحة: ما كان لي من هذا الأمر فهو لعثمان. وقال الزبير: ما كان لي من هذا الأمر فهو لعلي. وقال سعد: ما كان لي من هذا الأمر فهو لعبد الرحمن بن عوف، فخرج ثلاثة وبقي ثلاثة. فاجتمعوا، فقال عبد الرحمن بن عوف: يخرج منا واحد، ويولي واحداً، فسكت عثمان، وعلي فقال عبد الرحمن بن عوف: أنا أخرج. وروي أنه قال: عليه عهد الله، وميثاقه أن يولي أفضلهما، ثم قام عبد الرحمن بن عوف ثلاثة أيام بلياليها، يشاور المهاجرين، والأنصار، والتابعين لهم بإحسان، ويشاور أمهات المؤمنين؛ ويشاور أمراء الأمصار – فإنهم كانوا في المدينة حجوا مع عمر، وشهدوا – موته – حتى قال عبد الرحمن بن عوف: إن لي ثلاثاً ما اغتمضت بنوم. فلما كان اليوم الثالث قال لعثمان: عليك عهد الله، وميثاقه إن وليتك لتعدلن، ولئن وليت علياً لتسمعن، ولتطيعن،؟ قال: نعم. وقال لعلي: عليك عهد الله، وميثاقه إن وليتك لتعدلن، ولئن وليت عثمان لتسمعن ولتطيعن؟ قال: نعم. فقال: إني رأيت الناس لا يعدلون بعثمان2. فبايعه علي، وعبد الرحمن، وسائر المسلمين بيعة رضاً، واختيار من غير رغبة