ذكرنا أهل البدع والأهواء، فإنهم لا يكفرون إذ "لا يلزم إذا كان القول كفراً أن يكفر كل من قاله مع الجهل، والتأويل، فإن ثبوت الكفر في حق الشخص المعين كثبوت الوعيد في الآخرة، وذلك له شروط وموانع"1.
ومما ينبغي التنبه له أننا "إذا قلنا: أهل السنة متفقون على أنه لا يكفر بالذنب، فإنما نريد به المعاصي كالزنى والشرب"2، أما مباني الإسلام كالصلاة، والزكاة، والصوم "ففي تكفير تاركها نزاع مشهور"3.
بل الأخوة الإيمانية ثابتة مع المعاصي كما قال – سبحانه – في آية القصاص: {فَمَنْ عُفِيَ لَهُ مِنْ أَخِيهِ شَيْءٌ فَاتِّبَاعٌ بِالْمَعْرُوفِ} [البقرة: 178] ، وقال: {وَإِن طَائِفَتَانِ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ اقْتَتَلُوا فَأَصْلِحُوا بَيْنَهُمَا فَإِن بَغَتْ إِحْدَاهُمَا عَلَى الأُخْرَى فَقَاتِلُوا الَّتِي تَبْغِي حَتَّى تَفِيءَ إِلَى أَمْرِ اللَّهِ فَإِن فَاءتْ فَأَصْلِحُوا بَيْنَهُمَا بِالْعَدْلِ وَأَقْسِطُوا إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الْمُقْسِطِينَ إِنَّمَا الْمُؤْمِنُونَ إِخْوَةٌ فَأَصْلِحُوا بَيْنَ أَخَوَيْكم} [الحجرات: 9- 10] .
فالله – جل وعلا – وصف الطائفتين المقتتلتين: "بالإيمان مع الاقتتال والبغي، وأخبر أنهم إخوة، وأن الأخوة لا تكون إلا بين المؤمنين لا بين مؤمن وكافر"4.
ولا يسلبون الفاسق الملي الإيمان بالكلية، ولا يخلدونه في النار كما تقوله المعتزلة،