العبد ليس بفاعل، ولا مختار، ولا مريد، ولا قادر، ولا قال أحد منهم: إنه فاعل مجازاً، بل من تكلم منهم بلفظ الحقيقة، والمجاز متفقون على أن العبد فاعل حقيقة"1.
"ومما اتفق عليه سلف الأمة، وأئمتها أن العباد لهم مشيئة، وقدرة يفعلون بمشيئتهم، وقدرتهم ما أقدرهم الله عليه كما قال الله – تعالى-: {كَلاَّ إِنَّهُ تَذْكِرَةٌ فَمَن شَاء ذَكَرَهُ وَمَا يَذْكُرُونَ إِلاَّ أَن يَشَاء اللَّهُ} [المدثر: 54 – 56] ، وقال تعالى: {إِنَّ هَذِهِ تَذْكِرَةٌ فَمَن شَاء اتَّخَذَ إِلَى رَبِّهِ سَبِيلاً} [المزمل: 19] ، {وَمَا تَشَاؤُونَ إِلاَّ أَن يَشَاء اللَّهُ إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَلِيمًا حَكِيماً} [الإنسان: 30] "2.
ومما اتفق عليه سلف الأمة، وأئمتها "أن الله خالق كل شيء من أفعال العباد"3، فالعبد مخلوق لله – تعالى-، "والله – تعالى – خالق ذاته، وصفاته، وأفعاله"4. "والقرآن مملوء بما يدل على أن أفعال العباد حادثة بمشيئته وقدرته، وخلقه"5، فإن "في القرآن من ذكر تفصيل أفعال العباد التي بقلوبهم، وجوارحهم، وأنه هو – تبارك وتعالى – يحدث من ذلك ما يطول وصفه كقوله – تعالى-: {فَرِيقًا هَدَى وَفَرِيقًا حَقَّ عَلَيْهِمُ الضَّلاَلَةُ} [الأعراف: 30] "6.
كما قال – تعالى-: {لِمَن شَاء مِنكُمْ أَن يَسْتَقِيمَ وَمَا تَشَاؤُونَ إِلاَّ أَن يَشَاء اللَّهُ رَبُّ الْعَالَمِينَ} [التكوير: 28- 29] .