ففي هذا الحديث أنواع من العلم:
منها: أن الروح تبقى بعد مفارقة البدن خلافاً لضلال المتكلمين، وأنها تصعد وتنزل خلافاً لضلال الفلاسفة؛ وأنها تعاد إلى البدن، وأن الميت يسأل، فينعم أو يعذب، كما سأل عنه أهل السؤال، وفيه أن عمله الصالح، أو السيئ يأتيه في صورة حسنة، أو قبيحة.
وفي الصحيحين عن قتادة عن أنس بن مالك رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "إن العبد إذا وضع في قبره، وتولى عنه أصحابه: إنه ليسمع خفق نعالهم، أتاه ملكان فيقررانه. فيقولان: ما كنت تقول في هذا الرجل محمد؟ فأما المؤمن فيقول: أشهد أنه محمد عبد الله ورسوله، قال: فيقول: انظر إلى مقعدك من النار قد أبدلك الله به مقعداً من الجنة، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: فيراهما كليهما " قال قتادة: وذكر لنا أنه يفسح له في قبره سبعون ذراعاً، ويملأ عليه خضراً إلى يوم يبعثون. ثم نرجع إلى حديث أنس " ويأتيان الكافر والمنافق، فيقولان: ما كنت تقول في هذا الرجل؟ فيقول: لا أدري كنت أقول كما يقول الناس. فيقول: لا دريت، ولا تليت، ثم يضرب بمطارق من حديد بين أذنيه، فيصيح صيحة فيسمعها من عليها غير الثقلين" 1.
وروى الترمذي، وأبو حاتم في صحيحه – وأكثر اللفظ له – عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: " إذا قبر أحدكم الإنسان: أتاه ملكان أسودان أزرقان، يقال لهما منكر، والآخر نكير. فيقولان له: ما كنت تقول في هذا الرجل محمد؟ فهو قائل ما كان يقول: فإن كان مؤمناً، قال: هو عبد الله ورسوله، أشهد أن لا إله إلا الله، وأشهد أن محمداً عبده ورسوله. فيقولان: إنا كنا لنعلم أنك تقول ذلك.
ثم يفسح له في قبره سبعون ذراعاً، وينور له فيه. ويقال له: نم.