وجوب الإيمان بالميزان

وَهُنَاكَ فِي الْمَوْقِفِ تَدْنُو الشمس من رؤوس الْخَلَائِقِ، ويُلْجِمُهم الْعَرَقُ، فَمِنْهُمْ مَن يَبْلُغُ كَعْبَيْهِ، وَمِنْهُمْ مَنْ يَبْلُغُ رُكْبَتَيْهِ، وَمِنْهُمْ مَن يَبْلُغُ ثَدْيَيْهِ، وَمِنْهُمْ مَنْ يَبْلُغُ تَرْقُوَتَهُ؛ كلٌّ عَلَى قَدْرِ عَمَلِهِ، وَيَكُونُ أناسٌ فِي ظلِّ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ.

فَإِذَا اشتدَّ بِهِمُ الْأَمْرُ، وعظُمَ الْكَرْبُ؛ اسْتَشْفَعُوا إِلَى اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ بِالرُّسُلِ وَالْأَنْبِيَاءِ أَنْ يُنْقِذَهُمْ مِمَّا هُمْ فِيهِ، وكلُّ رسولٍ يُحِيلُهُمْ عَلَى مَن بَعْدَهُ؛ حَتَّى يَأْتُوا نَبِيَّنَا - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -، فَيَقُولُ: ((أَنَا لَهَا)) ، وَيَشْفَعُ فِيهِمْ، فَيَنْصَرِفُونَ إِلَى فَصْلِ الْقَضَاءِ.

وَهُنَاكَ تُنْصَبُ الْمَوَازِينُ، فتوزَنُ بِهَا أَعْمَالُ الْعِبَادِ، وَهِيَ مَوَازِينُ حَقِيقِيَّةٌ، كُلُّ مِيزَانٍ مِنْهَا لَهُ لسانٌ وكفَّتان، ويقلِبُ اللَّهُ أَعْمَالَ الْعِبَادِ ـ وَهِيَ أعراضٌ ـ أَجْسَامًا؛ لَهَا ثقلٌ، فَتُوضَعُ الْحَسَنَاتُ فِي كِفَّةٍ، وَالسَّيِّئَاتُ فِي كِفَّةٍ؛ كَمَا قَالَ تَعَالَى:

{وَنَضَعُ الْمَوَازِينَ الْقِسْطَ لِيَوْمِ الْقِيَامَةِ فَلا تُظْلَمُ نَفْسٌ شَيْئًا وَإِن كَانَ مِثْقَالَ حَبَّةٍ مِّنْ خَرْدَلٍ أَتَيْنَا بِهَا وَكَفَى بِنَا حَاسِبِينَ} (?) .

ثُمَّ تُنْشَر الدَّوَاوِينُ، وَهِيَ صَحَائِفُ الْأَعْمَالِ، فَأَمَّا مَن أُوتي كِتَابَهُ بِيَمِينِهِ؛ فَسَوْفَ يُحَاسَبُ حِسَابًا يَسِيرًا، وَيَنْقَلِبُ إِلَى أَهْلِهِ مَسْرُورًا، [وَأَمَّا مَنْ أُوتِيَ كِتَابَهُ بِشِمَالِهِ أَوْ (*) مِنْ وَرَاءِ ظَهْرِهِ] (?) ، فَسَوْفَ يَدْعُو ثُبُورًا، وَيَصْلَى سَعِيرًا،

طور بواسطة نورين ميديا © 2015