فَسَبَبُهُ كَمَالُ رَحْمَتِهِ وَإِحْسَانُهُ الَّتِي يُحِبُّ مِنْ عِبَادِهِ أَنْ يتعرَّضوا لَهَا، وَغَايَتُهُ إِتْمَامُ نِعْمَتِهِ عَلَى التَّائِبِينَ الْمْنِيبِينَ.
وَأَمَّا تَفْسِيرُ الْفَرَحِ بِلَازِمِهِ، وَهُوَ الرِّضَا، وَتَفْسِيرُ الرِّضَا بِإِرَادَةِ الثَّوَابِ؛ فكلُّ ذَلِكَ نفيٌ وتعطيلٌ لِفَرَحِهِ وَرِضَاهُ سُبْحَانَهُ، أَوْجَبَهُ سوءُ ظنِّ هَؤُلَاءِ المعطِّلة بِرَبِّهِمْ، حَيْثُ توهَّموا أَنَّ هَذِهِ الْمَعَانِيَ تَكُونُ فِيهِ كَمَا هِيَ فِي الْمَخْلُوقِ، تَعَالَى اللَّهُ عَنْ تَشْبِيهِهِمْ وَتَعْطِيلِهِمْ.
ـ[ (وَقَوْلُهُ: - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: ((يَضْحَكُ اللهُ إِلَى رَجُلَيْنِ يَقْتُلُ أَحَدُهُمَا الآخَرَ؛ كِلاهُمَا يَدْخُلُ الْجَنَّةَ)) . مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ (?)) .]ـ
/ش/ قَوْلُهُ: ((يَضْحَكُ اللَّهُ إِلَى رَجُلَيْنِ ... )) إلخ؛ يُثْبِتُ أَهْلُ السُّنَّةِ وَالْجَمَاعَةِ الضَّحِكَ لِلَّهِ عَزَّ وَجَلَّ ـ كَمَا أَفَادَهُ هَذَا الْحَدِيثُ وَغَيْرُهُ ـ عَلَى الْمَعْنَى الَّذِي يَلِيقُ بِهِ سُبْحَانَهُ، وَالَّذِي لَا يُشْبِهُهُ ضَحِكُ الْمَخْلُوقِينَ عِنْدَمَا يستخفُّهم الْفَرَحُ، أَوْ يستفزُّهم الطَّرَبُ؛ بَلْ هُوَ مَعْنًى يَحْدُثُ فِي ذَاتِهِ عِنْدَ وُجُودِ مُقْتَضِيهِ، وَإِنَّمَا يَحْدُثُ بِمَشِيئَتِهِ وَحِكْمَتِهِ؛ فَإِنَّ الضَّحِكَ إِنَّمَا يَنْشَأُ فِي الْمَخْلُوقِ عِنْدَ إِدْرَاكِهِ لأمرٍ عجيبٍ يَخْرُجُ عَنْ نَظَائِرِهِ، وَهَذِهِ الْحَالَةُ الْمَذْكُورَةُ فِي هَذَا الْحَدِيثِ كَذَلِكَ؛ فَإِنَّ تَسْلِيطَ الْكَافِرِ عَلَى قَتْلِ الْمُسْلِمِ مَدعاةٌ فِي