لَهُ، مِنَ العزَّة وَالْقُدْرَةِ وَالْعِلْمِ وَالْحِكْمَةِ وَالسَّمْعِ وَالْبَصَرِ وَالْإِرَادَةِ وَالْمَشِيئَةِ وَغَيْرِهَا؛ إِذْ لَا يَتَخَلَّفُ شَيْءٌ مِنْهَا إِلَّا لنقصِ فِي الْحَيَاةِ، فَالْكَمَالُ فِي الْحَيَاةِ يَتْبَعُهُ الْكَمَالُ فِي سَائِرِ الصِّفَاتِ اللَّازِمَةِ لِلْحَيِّ.

ثُمَّ قَرَنَ ذَلِكَ بِاسْمِهِ الْقَيُّومِ، وَمَعْنَاهُ الَّذِي قَامَ بِنَفْسِهِ، وَاسْتَغْنَى عَنْ جَمِيعِ خَلْقِهِ غِنًى مُطْلَقًا لَا تشوبُه شائبةُ حاجةٍ أَصْلًا؛ لِأَنَّهُ غِنًى ذاتيٌّ، وَبِهِ قَامَتِ الْمَوْجُودَاتُ كُلُّهَا، فَهِيَ فَقِيرَةٌ إِلَيْهِ فَقْرًا ذَاتِيًّا، بِحَيْثُ لَا تَسْتَغْنِي عَنْهُ لَحْظَةً، فَهُوَ الَّذِي ابْتَدَأَ إِيجَادَهَا عَلَى هَذَا النَّحْوِ مِنَ الْإِحْكَامِ وَالْإِتْقَانِ، وَهُوَ الَّذِي يدبِّر أُمُورَهَا، وَيُمِدُّهَا بِكُلِّ مَا تَحْتَاجُ إِلَيْهِ فِي بَقَائِهَا، وَفِي بُلُوغِ الْكَمَالِ الَّذِي قَدَّرَهُ لَهَا.

فَهَذَا الِاسْمُ متضمِّنٌ لِجَمِيعِ صِفَاتِ الْكَمَالِ الفعليَّة، كَمَا أَنَّ اسْمَهُ الْحَيَّ متضمِّن لِجَمِيعِ صِفَاتِ الْكَمَالِ الذَّاتِيَّةِ، وَلِهَذَا وَرَدَ أَنَّ الْحَيَّ الْقَيُّومَ هُمَا اسْمُ اللَّهِ الْأَعْظَمِ الَّذِي إِذَا سُئِلَ بِهِ أَعْطَى، وَإِذَا دُعي بِهِ أَجَابَ.

ثُمَّ أَعْقَبَ ذَلِكَ بِمَا يدلُّ عَلَى كَمَالِ حَيَاتِهِ وقيُّوميَّته، فَقَالَ: {لاَ تَأْخُذُه ُ} ؛ أَيْ لَا تَغْلِبُهُ {سِنَةٌ} ؛ أَيْ نعاسٌ {وَلاَ نَوْمٌ} ؛ فَإِنَّ ذَلِكَ يُنَافِي الْقَيُّومِيَّةَ؛ إِذِ النَّوْمُ أَخُو الْمَوْتِ، وَلِهَذَا كَانَ أَهْلُ الجنَّة لَا يَنَامُونَ.

ثُمَّ ذَكَرَ عُمُومَ مِلْكِهِ لِجَمِيعِ العوالِم العُلْوية والسُّفلية، وَأَنَّهَا جَمِيعًا تَحْتَ قَهْرِهِ وَسُلْطَانِهِ، فَقَالَ: {لَّهُ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَمَا فِي الأَرْض الثاني.

ثُمَّ أَرْدَفَ ذَلِكَ بِمَا يدلُّ عَلَى تَمَامِ مُلْكِهِ، وَهُوَ أَنَّ الشَّفَاعَةَ كُلَّهَا لَهُ، فَلَا يَشْفَعُ عِنْدَهُ أحدٌ إِلَّا بِإِذْنِهِ.

وَقَدْ تضمَّن هَذَا النَّفْيُ وَالِاسْتِثْنَاءُ أَمْرَيْنِ:

أَحَدُهُمَا: إِثْبَاتُ الشَّفَاعَةِ الصَّحِيحَةِ، وَهِيَ أَنَّهَا تَقَعُ بِإِذْنِهِ سُبْحَانَهُ

طور بواسطة نورين ميديا © 2015