ونلاحظ هنا إن المصنف قد أحسن في تناسب هذه الكلمات حيث ربط الاصطفاء بالعبودية، فقال (عبده المصطفى)، والاجتباء بالنبوة (ونبيه المجتبى)، والارتضاء بالرسالة (ورسوله المرتضى)؛ فإن هذا موافق لما جاء في القرآن، فقد قال سبحانه وتعالى: ((قُلِ الْحَمْدُ لِلَّهِ وَسَلامٌ عَلَى عِبَادِهِ الَّذِينَ اصْطَفَى)) [النمل: 59] وفي سورة الأنعام لما ذكر الله إبراهيم، ومن هدى الله من ذريته: ((وَوَهَبْنَا لَهُ إِسْحَاقَ وَيَعْقُوبَ كُلًّا هَدَيْنَا وَنُوحًا هَدَيْنَا مِنْ قَبْلُ وَمِنْ ذُرِّيَّتِهِ)) [الأنعام: 84] قال بعد ذلك: ((وَمِنْ آبَائِهِمْ وَذُرِّيَّاتِهِمْ وَإِخْوَانِهِمْ وَاجْتَبَيْنَاهُمْ)) [الأنعام: 87] فوصف هؤلاء الصفوة من الأنبياء بالاجتباء.
وأما الارتضاء ففي قوله تعالى: ((إِلَّا مَنِ ارْتَضَى مِنْ رَسُولٍ)) [الجن: 27]، فكأنه استوحى هذا من الآيات.
والنبي محمدٌ - صلى الله عليه وسلم - نبيٌ ورسول، والله خاطبه بـ (يا أيها النبي) في آيات (?)، وبـ (يا أيها الرسول) في آيتين (?) فخاطبه بالصفتين: النبوة، والرسالة.
نبي؛ لأنه منبأ، فقد أنزل الله عليه النبأ العظيم ـ القرآن ـ.
وهو رسول مرسلٌ إلى الناس كافة: ((قُلْ يَا أَيُّهَا النَّاسُ إِنِّي رَسُولُ اللَّهِ إِلَيْكُمْ جَمِيعًا)) [الأعراف: 158] ((وَمَا أَرْسَلْنَاكَ إِلَّا كَافَّةً لِلنَّاسِ)) [سبأ: 28] ((وَأَرْسَلْنَاكَ لِلنَّاسِ رَسُولًا وَكَفَى بِاللَّهِ شَهِيدًا)) [النساء: 79].
وأكثر ما يُذكر - صلى الله عليه وسلم - بصفة الرسالة؛ لأنها هي المتعلقة بالمكلفين، والمقتضية للبلاغ.
لكن ما الفرق بين النبي والرسول؟
فإن الله سبحانه وتعالى قال: ((ولقد فضلنا بعض النبيين على بعض وأتينا داود زبوراً)) وقال سبحانه وتعالى: ((تلك الرسل فضلنا بعضهم على بعض)) فنجد آيات فيها ذكر الأنبياء وآيات فيها ذكر الرسل.