قوله: (مميتٌ بلا مخافة، باعثٌ بلا مشقة) الله تعالى منزهٌ عن الخوف، فلا يخاف من أحد وهو فعالٌ لما يريد، يميت من يشاء، فلو شاء أن يميت العالم كله؛ فإنه لا يخاف، فليس فوقه أحد؛ بل هو تعالى المالك لكل شيء.
ولعل مما يستشهد به في هذا المعنى قوله تعالى: ((فَدَمْدَمَ عَلَيْهِمْ رَبُّهُمْ بِذَنْبِهِمْ فَسَوَّاهَا * وَلا يَخَافُ عُقْبَاهَا)) [الشمس: 14 - 15].
(باعث بلا مشقة) سيبعث الأموات في اليوم الموعود ((أَلا يَظُنُّ أُولَئِكَ أَنَّهُمْ مَبْعُوثُونَ * لِيَوْمٍ عَظِيمٍ * يَوْمَ يَقُومُ النَّاسُ لِرَبِّ الْعَالَمِينَ)) [المطففين: 4 - 6] ((قُلْ إِنَّ الْأَوَّلِينَ وَالْآخِرِينَ * لَمَجْمُوعُونَ إِلَى مِيقَاتِ يَوْمٍ مَعْلُومٍ)) [الواقعة: 49 - 50] يبعث الأموات من أولهم إلى آخرهم من غير أن تلحقه مشقة، ولهذا يقول سبحانه وتعالى: ((أَوَلَمْ يَرَوْا كَيْفَ يُبْدِئُ اللَّهُ الْخَلْقَ ثُمَّ يُعِيدُهُ إِنَّ ذَلِكَ عَلَى اللَّهِ يَسِيرٌ)) ((مَا خَلْقُكُمْ وَلا بَعْثُكُمْ إِلَّا كَنَفْسٍ وَاحِدَةٍ)) ((وَهُوَ الَّذِي يَبْدأُ الْخَلْقَ ثُمَّ يُعِيدُهُ وَهُوَ أَهْوَنُ عَلَيْهِ)) [الروم: 27] وهذا في الاحتجاج على المكذبين بالبعث بأن الذي بدأ الخلق هو على الإعادة أقدر إنما أريد به أنه أقدر في معقول الناس (أن الإعادة أهون من البدء) ولكن بالنسبة إلى الله ليس في الأشياء هينٍ وأهون، ولا يقال: إن الله على كذا أقدر منه على كذا، بل قدرته على كل شيء واحدة، فقدرته تعالى على خلق السماوات والأرض، أو خلقه لذرة من المخلوقات واحدة، بمعنى أنه لا يعجزه شيء، فليس شيءٌ أهون عليه من شيء.
أما قوله تعالى: ((وَهُوَ أَهْوَنُ عَلَيْهِ)) فقد قيل: إن (أهون) بمعنى هين، وهو هين عليه، فيكون من أفعل التفضيل الذي على غير بابه. كما يقول النحاة (?).
أو إن هذا من خطاب العباد بما يعقلونه وما يدركونه، فالناس