قوله: (لا تبلغه الأوهام، ولا تدركه الأفهام).
هذا فيه تنزيه أيضًا، وتقدم بعض ما يجب تنزيه الله تعالى عنه لكن المؤلف يُثَنَّي، فيذكر بعض ما يجب تنزيه الله تعالى عنه، وما يجب إثباته له سبحانه وتعالى.
(لا تبلغه الأوهام) يعني الظنون والخيال، فلا تبلغه ظنون الظانين، ولا خيال المتخيلين، فلا يمكن للعباد أن يدركوا حقيقة ذات الرب أو شيءٍ من صفاته بوهم وتخيل أبدا.
(ولا تدركه الأفهام) فالعباد يعرفون ربهم بما هداهم سبحانه وتعالى به من الوحي، ومن الآيات الكونية، لكنهم لا يحيطون به علما؛ لذلك قال: (لا تدركه) الإدراك فيه الإحاطة، ولم يقل لا تعرفه الأفهام ولا يعرفه العباد! لا، العبادُ يعرفون ربهم على حسب مراتبهم في معرفة ربهم لكنهم لا يحيطون به علما، قال تعالى: ((لا تُدْرِكُهُ الْأَبْصَارُ)) وقال تعالى: ((وَلا يُحِيطُونَ بِهِ عِلْماً)) والله سبحانه وتعالى: ((لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ)) وهذا يتضمن أن تخيل الإنسان وظنونه إنما هو مرتبطٌ بما يعرفه، والله تعالى ليس كمثله شيء.
ويقول بعض المتكلمين: (كل ما خطر ببالك فإن الله تعالى بخلاف ذلك) (?)