عَلَيهِمْ غَيرِ المَغضُوبِ عَلَيهِمْ وَلاَ الضَّالِّينَ} [الفاتحة: 6 - 7] (?). فالعبد فقير إلى أن يعصمه ربه من هذه الضلالات، يقول ابن القيم ـ لما ذكر مذاهب المبتدعين ـ:
لَو شَاءَ رَبُّكَ كُنتَ أيضاً مِثلَهُم ... فَالقَلبُ بَينَ أصابِعِ الرَّحمَنِ (?)
فمن عافاه الله مما عليه أهل الضلال؛ كالمشركين والرافضة والجهمية والصوفية والقدرية؛ فليعلم أن ذلك بتوفيق من الله لا بحوله ولا بقوته، وعلى المسلم أن يلهج دائما بسؤال العصمة والوقاية من طرائق المضلين من أصحاب الأهواء والمناهج المنحرفة عن هدى الله؛ فإن هذه المذاهب الردية متناقضة مختلفة ومضطربة وأهلها متبعون لأهوائهم ومتفرقون، كل حزب بما لديهم فرحون.
وقوله: (مثل المشبهة والمعتزلة والجهمية والجبرية والقدرية وغيرهم)
هذه أسماء أبرز الطوائف المنحرفة في مسائل الاعتقاد؛ فالجهمية وإمامهم جهم بن صفوان، قد جمعوا بين ثلاث بدع كبرى: التعطيل في باب الأسماء الصفات، والجبر في باب أفعال العباد والقدر، والإرجاء في باب الإيمان (?).
والمعتزلة على النقيض من الجهمية في باب القدر، وباب الإيمان، وهم قريبون منهم في باب الأسماء والصفات؛ فالمعتزلة يثبتون الأسماء وينفون ما تدل عليه من الصفات، ولهم أصول خمسة:
1 - التوحيد، ويقصدون به: نفي الصفات فعندهم إثبات الصفات تشبيه وتجسيم وشرك، ونفي الصفات هو التوحيد.