وقوله: (ونرى الجماعة حقا وصوابا، والفُرقة زيغا وعذابا).
من منهج أهل السنة والجماعة لزوم الجماعة، والحذر من التفرق في الدين؛ لأن الله تعالى أمر عباده بالاجتماع، ونهاهم عن الافتراق، قال تعالى: {واعتصموا بحبل الله جميعاً ولا تفرقوا}، وقال تعالى: {ولا تكونوا كالذين تفرقوا واختلفوا من بعد ما جاءهم البينات}، وقال تعالى: {وإن الذين اختلفوا في الكتاب لفي شقاق بعيد}.
لهذا قال الطحاوي: (ونرى الجماعة حقا وصوابا) الجماعة؛ الاجتماع على الحق، نراه حقا وصوابا، ونرى أن الفُرقةَ شر وعذاب وزيغ عن الصراط؛ فإن الناس إذا تفرقوا تنافروا، وتعادَوا، وساءت أحوالهم الدينيةِ والدنيوية، وبغى بعضهم على بعض، وكما دل القرآن على ذلك، دلت سنة النبي - صلى الله عليه وسلم -، فقد استفاضت الأحاديث في لزوم الجماعة، والتحذير من الفُرقة، ولكن قد أخبر النبي - صلى الله عليه وسلم - بأن هذه الأمة ستفترق، فالفرقة واقعة؛ وإخباره بوقوع الشيء لا يدل على أنه صواب؛ بل هو - صلى الله عليه وسلم - يخبر به إخبار المحذِّر، ولهذا قال - صلى الله عليه وسلم -: «إن هذه الأمة ستفترق على ثلاث وسبعين فرقة كلها في النار إلا واحدة، قيل: من هي يا رسول الله؟ قال: من كان على مثل ما أنا