بمقدمات وأسباب يستدل بها على مواقعها كالمسروق ... ومعرفة مكان الضالة» (?). وقال شيخ الإسلام ابن تيمية: «والعراف قد قيل: إنه اسم عام للكاهن والمنجم والرمال ونحوهم ممن يتكلم في تقدم المعرفة بهذه الطرق، ولو قيل: إنه في اللغة اسم لبعض هذه الأنواع؛ فسائرها يدخل فيه بطريق العموم المعنوي» (?).
إذًا؛ العراف أعم من الكاهن، فالكاهن عراف، والمنجم عراف، والرمال الذي يضرب بالحصى ويخط بالأرض عراف؛ لأن عراف صيغة مبالغة من المعرفة، فيكون عطف العراف على الكاهن في كلام الطحاوي من عطف العام على الخاص.
فهؤلاء الكذابون لا يجوز سؤالهم مطلقا؛ فإن سؤالهم ينبئ عن الاعتراف بهم، ويجر إلى تصديقهم، وكيف يسألون وهم يدَّعون العلم بمغيبات، والله تعالى قد تفرد بعلم الغيب كما قال تعالى: ((قُلْ لا يَعْلَمُ مَنْ فِي السَّمَوَاتِ وَالأَرْضِ الْغَيْبَ إِلَّا اللَّهُ)) [النمل: 65].
فالكهانُ والمنجمون والرمَّالون من المفسدين في الأرض، ومن أشرار الخلق الذين يضلون الناس بما يدَّعون، فيجب على ولاة الأمر أن يمنعوهم من إظهار منكرهم، وأن يضربوا على أيديهم عملا بقوله تعالى: ((وَلْتَكُنْ مِنْكُمْ أُمَّةٌ يَدْعُونَ إِلَى الْخَيْرِ وَيَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَيَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنْكَرِ)) [آل عمران: 104] فلا يجوز إقرارهم، ويجب على المسلمين أن يحذروا من سؤالهم.
والمنجم هو الذي ينظر في النجوم ويستدل باجتماعها وافتراقها وبما يحدث عند طلوعها ويستدل بذلك على ما يحدث في الأرض؛ فمنهم من يفعل ذلك دجلا، ومنهم من يعتقد أن للنجوم تأثيرا فيما يحدث في الأرض من خير وشر، وما يحصل للأفراد من أحوال، فيضلون الناس ويوهمونهم،