قوله: (قديم بلا ابتداء، دائم بلا انتهاء، لا يفنى ولا يبيد، ولا يكون إلا ما يريد، لا تبلغه الأوهام، ولا تدركه الأفهام، ولا يشبه الأنام)
لما ذكر الإمام الطحاوي بعض ما يجب تنزيه الله تعالى عنه من: الشريك والشبيه والعَجْر، ذكر أنَّ مما يجب إثباته لله القِدم والدوام ـ أي ـ دوام الوجود أزلا وأبدا، فهو تعالى دائم أزلا وأبدا، فلا ابتداء ولا نهاية لوجوده.
والقديم في اللغة ضد الحديث، كما قال تعالى: {وَالْقَمَرَ قَدَّرْنَاهُ مَنَازِلَ حَتَّى عَادَ كَالْعُرْجُونِ الْقَدِيمِ} [يس: 39]، وقال عن إبراهيم - صلى الله عليه وسلم -: {قَالَ أَفَرَأَيْتُم مَّا كُنتُمْ تَعْبُدُونَ * أَنتُمْ وَآبَاؤُكُمُ الْأَقْدَمُونَ} [الشعراء: 75 و 76]، وأصل القديم المتقدم على غيره فيشمل التقدم المطلق، والتقدم النسبي؛ فالتقدم النسبي للمخلوقات فبعضها متقدم على بعض، وأما التقدم المطلق فهو لله تعالى، فهو سابق في وجوده لكل شيء، ولا بداية لوجوده، ولهذا احتاج المؤلف أن يقول: (بلا ابتداء). ويقال: أزلي، فالأزل: هو الماضي الذي لا حد له، فالأزل والأبد متقابلان هذا في الماضي، وهذا في المستقبل.
وهذان الوصفان حق؛ فالله تعالى دائم البقاء أزلا وأبدا، لكن ليس هذان الاسمان من أسمائه الحسنى التي يثنى عليه بها، ويدعى بها، فلا يقال: يا قديم، أو سبحان القديم، كما لا يقال: يا موجود، أو سبحان الموجود؛ فإن هذا لا يحصل به التخصيص والتعيين؛ بل يقال: سبحان الله، سبحان ذي الملك والملكوت، والعزة والجبروت، سبحان الحي الذي لا يموت.