عبدَ الرحمن، فقال النبي - صلى الله عليه وسلم - لخالد: (لا تسبوا أصحابي) (?) يريد النبي - صلى الله عليه وسلم - عبد الرحمن بن عوف، وأمثاله من السابقين الأولين، وخالد بن الوليد ممن أسلم بعد الفتح، أي: صلح الحديبية.
فمن منهج أهل السنة والجماعة الإمساك عما جرى بين الصحابة، فلا يجعلونهم موضع كلام وقيل وقال، فإن هذا يوغر الصدور، ويسبب سوء ظن بالصحابة رضي الله عنهم، واقرأ العبارات الحكيمة الدقيقة لشيخ الإسلام ابن تيمية في العقيدة الواسطية في قوله: «ومن أصول أهل السنة والجماعة سلامة قلوبهم، وألسنتهم لأصحاب محمد - صلى الله عليه وسلم - ـ إلى أن قال: ـ ويمسكون عمَّا شجر بين الصحابة، ويقولون: إن هذه الآثار المروية في مساوئهم منها: ما هو كذب، ومنها: ما قد زيد فيه ونقص وغُيِّرَ عن وجهه، والصحيح منه: هم فيه معذورن؛ إما مجتهدون مصيبون، وإما مجتهدون مخطئون. وهم مع ذلك لا يعتقدون أن كل واحد من الصحابة معصوم عن كبائر الإثم وصغائره؛ بل تجوز عليهم الذنوب في الجملة، ولهم من السوابق والفضائل ما يوجب مغفرة ما يصدر منهم إن صدر، حتى إنه يغفر لهم من السيئات ما لا يغفر لمن بعدهم؛ لأن لهم من الحسنات التي تمحو السيئات ما ليس لمن بعدهم، وقد ثبت بقول رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: «إنهم خير القرون» (1)، «وإن المد من أحدهم إذا تصدق به كان أفضل من جبل أحد ذهبًا ممن بعدهم» (1). ثم إذا كان قد صدر عن أحدهم ذنب، فيكون قد تاب منه، أو أتى بحسنات تمحوه، أو غفر له بفضل سابقته، أو بشفاعة محمد - صلى الله عليه وسلم - الذين هم أحق الناس بشفاعته، أو ابْتُلي ببلاء في الدنيا كُفِّر به عنه؛ فإذا كان هذا في الذنوب المحققة، فكيف بالأمور التي كانوا فيها مجتهدين؛ فإن أصابوا فلهم أجران، وإن أخطئوا، فلهم أجر واحد، والخطأ مغفور لهم» (?) وهذا رصين جدير بالحفظ.