الرسول - صلى الله عليه وسلم - مع المشركين بمكة في السنة السادسة من الهجرة، سماه الله فتحا؛ لأن هذا الصلح صارت عاقبته خيرا للإسلام وأهله (?).
وفيها تصريح بنفي التساوي، ((لا يَسْتَوِي مِنْكُمْ مَنْ أَنْفَقَ مِنْ قَبْلِ الْفَتْحِ وَقَاتَلَ)) ثم تصريح بالتفوق والفضل، ((أُوْلَئِكَ أَعْظَمُ دَرَجَةً مِنَ الَّذِينَ أَنْفَقُوا مِنْ بَعْدُ وَقَاتَلُوا)) وهم من أسلم بعد صلح الحديبية، والذين أسلموا بعد الصلح وقبل فتح مكة أفضل ممن أسلم يوم فتح مكة، وهم المعروفون بالطلقاء.
وأحسن ما قيل في بيان المراد بالسابقين الأولين من المهاجرين والأنصار، الذين ذكرهم بقوله تعالى: ((وَالسَّابِقُونَ الأَوَّلُونَ مِنَ الْمُهَاجِرِينَ)) [التوبة: 100]: إنهم الذين أنفقوا وقاتلوا قبل صلح الحديبية، وأهل بيعة الرضوان كلهم منهم؛ وصلح الحديبية حد فاصل بين مرحلتين، ونوعين من المسلمين (?).
وقيل: المراد بالسابقين هم من صلى إلى القبلتين (?)، وهذا قول ضعيف؛ لأنه لا دليل على تخصيص من صلى إلى القبلتين، ثم كل من صلى إلى القبلة المشروعة فقد أطاع الله، لكن من قال ذلك لاحظ أنَّ من صلى إلى القبلتين لابد أن يكون متقدم الإسلام.
ولكن هذا يخرج من مات قبل نسخ القبلة الأولى، وهو من السابقين قطعا، ويخرج من أسلم بعد نسخ استقبال بيت المقدس، ونسخ الاستقبال كان في السنة الثانية، فإنه قد ثبت أن النبي - صلى الله عليه وسلم - بعدما هاجر «صلى إلى بيتِ المقدسِ ستةَ عشر أو سبعةَ عشر شهرا» (?). فهذا لا يصلح ضابطا للسبق.
وقد اختلف الناس في أصحاب الرسول - صلى الله عليه وسلم - إلى ثلاث طوائف