يدريك؟ لعل الله أعطاك إحدى هذه الثلاث، ومن أجل ذلك قلتُ: إن قوله: (ويقضي الحاجات) أخصُ من قوله: (والله تعالى يجيب الدعوات).
ومن المبتدعة من قال: إن الدعاء إنما شُرع تعبدا فقط، وليس له أثر في حصول المطلوب؛ لأن المطلوب إن كان مقدرا وسيحصل؛ فلا حاجة إلى الدعاء، وإن كان لم يقدر؛ فلا فائدة في الدعاء؛ لأنه لن يحصل سواءً دعوت أم لم تدعُ!
فيقال لهم: هناك قسم ثالث، وهو: ما قدر الله حصوله بالدعاء، فما قدر الله حصوله بسبب لن يحصل إلا بهذا السبب، وهذه الشبهة طردها أن يقال لهم: قولوا مثل هذا في سائر الأسباب، فيقال لمن حرث وأراد الزرع والثمر: حرثك وزرعك هذا لا فائدة منه؛ فإن كان الثمر قد قدره الله فستحصل لك بدون عملك هذا، وإن لم يقدر لك فلا فائدة في عملك!
وهكذا يقال في لمن سعى لطلب الرزق: الرزق الذي تسعى إليه إن كان مكتوبا لك فسيحصل ولو لم تسعَ، وإن كان غير مقدر؛ فلا فائدة في سعيك، ولا أثر له!
وهذه الشبهة تقتضي تعطيل الأسباب الشرعية والكونية، وهذا معلوم الفساد؛ فإن الله قد فطر العباد على فعل الأسباب وعلى رجاء أثرها،، فالمذموم هو الاعتماد على الأسباب، كما قال بعضهم: «الالتفات إلى الأسباب شرك في التوحيد، ومحو الأسباب أن تكون أسبابا نقص في العقل، والإعراض عن الأسباب بالكلية قدح في الشرع» (?)، فالأسباب خلقها الله وقدرها وشرعها وجعلها مؤثرة في