وقال محمد بن الحسن صاحب أبي حنيفة: إنما يصل للميت ثواب النفقة، أما ثواب الحج فهو للحاج (?).

وهذا خلاف ظاهر الأدلة؛ لأن قوله - صلى الله عليه وسلم - للخثعمية حين قالت: فهل يقضي عنه أن أحج عنه، قال: «نعم»، وقوله - صلى الله عليه وسلم - للجهنية: «حجي عنها»، وقوله - صلى الله عليه وسلم -: «حج عن شبرمة» ظاهره الإطلاق، وصحة الحج عنه، وأن الثواب للمحجوج عنه.

ثم بعد ذلك اختلف العلماء في سائر العبادات، كالصلاة والصيام وتلاوة القرآن والذكر، هل يصل ثوابها إلى الميت، إذا عملها الحي عنه؟

أكثر أهل العلم على أن هذه العبادات يصل ثوابها فينتفع بها الميت؛ بل توسع بعض أهل العلم، وقالوا: إن أي قربة يفعلها الإنسان عن الحي أو الميت؛ فإن ذلك يصل إليه، كما في نص زاد المستقنع: «وأيُّ قربةٍ فعلها وجعل ثوابها لميتٍ مسلم أو حي نفعه ذلك» (?). وهذا توسع كبير.

والذي يعنينا في هذا المقام انتفاع الأموات بسعي الأحياء، فأكثر العلماء على أن الأموات ينتفعون بهذه العبادات، فإذا صام أو صلى عن الميت ولو تطوعا، أو قرأ قرآنا، أو سبَّح وهلَّل وكبَّر، يريد أن يكون ذلك عن الميت؛ فإنه ينفعه ذلك، قياسا لهذه العبادات على ما وردت به النصوص، وهؤلاء لا فرق عندهم بين فرض ونفل أو نذر، فينتفع الميت بها جميعا.

وفي هذا تفصيل؛ فأما الصيام فقد ثبت في الصحيح عن النبي - صلى الله عليه وسلم - أنه قال: (من مات وعليه صيام صام عنه وليه) (?).

وهنا اختلف أهل العلم على مذاهب، فمنهم من قال: لا يُصام

طور بواسطة نورين ميديا © 2015