وقوله: (وأن الله تعالى خلق الجنة والنار قبل الخلق، وخلق لهما أهلا، فمن شاء منهم إلى الجنة فضلا منه، ومن شاء منهم إلى النار عدلا منه، وكل يعمل لما قد فُرِغَ له وصائر إلى ما خُلِق له)
هذا دخول في مسائل متعلقة بالقدر، وقد فرَّق الشيخ الكلام في القدر، كما فرق المسائل المتعلقة بأصول الإيمان؛ فيذكر مسائل تتعلق بالإيمان بالله، أو الملائكة، أو الرسل، أو باليوم الآخر، وهذه المسائل الآتية متعلقة بالقدر، وبالمسألة التي تقدمت وهي: خلق الجنة والنار يقول: (وأن الله خلق الجنة والنار قبل الخلق) هذا ظاهر، ولا يريد بالخلق جميع المخلوقات، الظاهر أنه يريد قبل خلق الناس؛ لأن الخلق تارة يطلق على جنس المخلوقات، وتارة يطلق على خصوص المكلفين، ولهذا قال: وخلق لهما أهلا، أي: خلق الجنة والنار، ثم خلق لهما خلقا من الجن والإنس، خلق آدم وحواء، ثم خلق ذريتهما إلى آخر من يشاء الله تعالى خلقه من هذا الجنس البشر، ومن الجن.
ويحتمل أن يكون مراده من قوله: (وخلق لهما أهلا) أي: قدَّر لهما أهلا، فـ (خلق) يأتي بمعنى (أوجد) وبمعنى (قدَّر)، والأول أظهر.
وقوله: (فمن شاء منهم إلى الجنة فضلا منه، ومن شاء منهم إلى النار عدلا منه).