وقوله: (والجنة والنار مخلوقتان لا تفنيان أبدا ولا تبيدان).
هذه الجملة فيها مسألتان:
الأولى: قوله: (والجنة والنار مخلوقتان) مخلوقتان الآن وموجدتان الآن، خلافا للمعتزلة، فالمعتزلة يقولون: إن الجنة والنار لم تخلقا؛ لكن يخلقهما الله يوم القيامة.
وما حجتهم؟ قالوا: إن خلقهما الآن عبث؛ لأنها تصير معطلة مددا متطاولة، ولم يدخلها سُكَّانها! (?)
وهذا قول باطل مبني على جهل فاضح، ولهذا كان من مذهبهم إنكار عذاب القبر ونعيمه.
والحق الذي لا ريب فيه: أن الجنة والنار مخلوقتان الآن، والأدلة على هذا من الكتاب والسنة لا تحصى كثرة، فكل أدلة عذاب القبر ونعيمه، هي من أدلة وجود الجنة والنار؛ لأن عذاب القبر هو من النار، ونعيم القبر من الجنة، ومن أدلة ذلك قوله تعالى: ((وَلَقَدْ رَآهُ نَزْلَةً أُخْرَى * عِنْدَ سِدْرَةِ الْمُنْتَهَى * عِنْدَهَا جَنَّةُ الْمَأْوَى)) [النجم: 13 - 15]، وقال تعالى: ((النَّارُ يُعْرَضُونَ عَلَيْهَا غُدُوَّاً وَعَشِيَّاً وَيَوْمَ تَقُومُ السَّاعَةُ أَدْخِلُوا آلَ فِرْعَوْنَ أَشَدَّ الْعَذَابِ)) [غافر: 46]، وقال تعالى: ((مِمَّا خَطِيئَاتِهِمْ أُغْرِقُوا فَأُدْخِلُوا نَارَاً)) [نوح: 25].
وفي الحديث أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: (إن أحدكم إذا مات عرض عليه