والطاعات خير في ذاتها ومآلها، وإن اشتملت على بعض المشاق والكُلَف، لكنها خير؛ لأنها نفسها مصالح ومنافع عظيمة، وفي الصحيح عن النبي - صلى الله عليه وسلم -: «حفت الجنة بالمكاره، وحفت النار بالشهوات» (?)، والله تعالى اقتضت حكمته تنويعَ الخلْقِ، وخلْقَ الأضداد في هذا الوجود، فخلَقَ الخير والشر، والنافع والضار، والحسن والقبيح في الذوات والصفات والأفعال، فخلق النور والظلمات، وخلق الملائكة والشياطين، وخلق الصحة والمرض والحياة والموت: ((الَّذِي خَلَقَ الْمَوْتَ وَالْحَيَاةَ لِيَبْلُوَكُمْ أَيُّكُمْ أَحْسَنُ عَمَلَاً)) [الملك: 2].

إذاً؛ الأشياء المخلوقة فيها خير وشر والله خالق الخير والشر، أما فعل الرب سبحانه: حكمه وقضاؤه وتقديره؛ فكله خير، ليس فيه شر، والشر لا يضاف إلى الله اسمًا، ولا صفةً ولا فعلا، فالشر لا يكون في أسمائه فكلها حسنى، ولا في صفاته فكلها صفات كمال وحمد، ولا في أفعاله فكلها أفعال عدل وحكمة، وإنما يكون في مفعولاته، أي: مخلوقاته.

وهذا ما فُسر به قول النبي - صلى الله عليه وسلم -: (والشر ليس إليك) (?)

أنه تعالى لا يخلق شرا محضا؛ بل كل الشر الذي في المخلوقات شر نسبي ليس شرًا محضًا، وهذا يرجع إلى الإيمان بحكمته سبحانه وتعالى، وأنه حكيم، ما خلق شيئا عبثا، لم يخلق شيئا إلا لمصالحَ وحكمٍ يعلمها سبحانه، وليس من شرط ذلك أن تكون عائدة للعبد، بل قد يكون فيها شر لبعض الناس، وهو شر جزئي إضافي، فأما شر كلي، أو شر مطلق؛ فالله تعالى منزه عنه.

وكل ما خلقه الله إما أن يكون خيرا محضا، أو أن وجوده خير من

طور بواسطة نورين ميديا © 2015