وقوله: (والقدر خيره وشره، وحلوه ومره من الله تعالى)
هذا الأصل السادس من أصول الإيمان: وهو الإيمان بالقدر، قال النبي - صلى الله عليه وسلم -: (وتؤمن بالقدر خيره وشره) (?) والطحاوي هنا ـ رحمه الله ـ قال: (والقدر خيره) ولم يقل: وبالقدر؛ بل عَطَف، والجملة كأنها مستأنَفة، وتكون: (والقدرُ خيرُه وشرُّه وحلوُه ومرُّه من الله تعالى).
ولفظ القدر يطلق بمعنى التقدير، كما إذا قلنا: القدر السابق، والقدر العام، والقدر الخاص، كما في صحيح مسلم من حديث عبد الله بن عمرو رضي الله عنهما عن النبي - صلى الله عليه وسلم -: (كتب الله مقادير الخلائق قبل أن يخلق السموات، والأرض بخمسين ألف سنة) (?) أي: تقدير الله لمقادير الأشياء.
ويطلق القَدَر على الشيء المقدَّر، وهذا كثير في اللغة العربية؛ فالمصدر تارةً يطلَق ويراد به الفعل، ويطلَق ويراد به المفعول، مثل كلمة الخَلْقِ: فالخلقُ يطلق ويراد به فعل الرب تعالى، فإن الله تعالى من صفته ومن فعله الخلق، فهو يخلق، وهو الخلاق، وهو الخالق.
ويطلَق على نفس المفعول، فتقول: هذا خلق الله، كما قال تعالى: ((هَذَا خَلْقُ اللَّهِ فَأَرُونِي مَاذَا خَلَقَ الَّذِينَ مِنْ دُونِهِ)) [لقمان: 11] أي: هذا هو المخلوق لله.