الدالة على الزيادة كثيرة؛ كقوله سبحانه: ((الَّذِينَ قَالَ لَهُمُ النَّاسُ إِنَّ النَّاسَ قَدْ جَمَعُواْ لَكُمْ فَاخْشَوْهُمْ فَزَادَهُمْ إِيمَاناً)) [آل عمران: 173]، ((وَإِذَا تُلِيَتْ عَلَيْهِمْ آياتُهُ زَادَتْهُمْ إِيمَانَاً)) [الأنفال: 2]، ((لِيَزْدَادُوا إِيمَانَاً مَعَ إِيمَانِهِمْ)) [الفتح: 4]، ((وَيَزْدَادَ الَّذِينَ آمَنُوا إِيمَانَاً)) [المدثر: 31]، ((فَأَمَّا الَّذِينَ آمَنُوا فَزَادَتْهُمْ إِيمَانَاً وَهُمْ يَسْتَبْشِرُونَ)) [التوبة: 124].

وقوله: (وأهله في أصله سواء) إذا كان الإيمان لا يزيد ولا ينقص فلا بد أن يكون أهله فيه سواء؛ لأنه شيء واحد. لكن المؤلف أتى بتعبير فيه عندي عدم وضوح، وهو قوله: (وأهله في أصله) ولم يقل: (وأهله فيه)

والمناسب على مذهبه أن يقول: (وأهله فيه سواء)؛ لأن هذا مقتضى كون الإيمان واحدا، أن يكون الناس فيه سواء، ولا أدري ماذا يريد بقوله: (في أصله)، إن أراد أن المؤمنين كلهم عندهم إيمان فهم مشتركون في الأصل، وبينهم قدر مشترك، فهذا لا يصح أن يقال: إنهم فيه سواء؛ لأن وجود قدر مشترك لا يصح معه أن يقال: إنهم فيه سواء، وحقيقة القول عند المرجئة: أن أهله فيه سواء، لكن الطحاوي ـ رحمه الله ـ كأنه تحاشى أن يقول: وأهله فيه سواء فقال: (وأهله في أصله سواء) ويؤكد هذا أنه قال: (والتفاضل بينهم في الخشية والتقى ومخالفة الهوى وملازمة الأولى) ولم يقل: يتفاضلون في الإيمان، فعنده أن أعمال القلوب فيها زيادة ونقص؛ لكن الخشية، ومخالفة الهوى، وملازمة الأولى، والتقوى هل هي من الإيمان عند هؤلاء المرجئة؟ لا، ليست من مسمى الإيمان؛ لأن الإيمان عندهم هو التصديق بالقلب، وإقرار اللسان.

فعندهم أن أعمال القلوب وأعمال الجوارح كلها ليست من الإيمان، فالتفاضل في أعمال القلوب والجوارح هي ثمرة وأثر ذلك الإيمان وليست منه.

وعلى قولهم: يكون إيمان أفسق الناس الذي معه الإيمان وإيمان أبي بكر وعمر رضي الله عنهما سواء!

طور بواسطة نورين ميديا © 2015