وستون شعبة) (?). فالصلاة والصيام والحج والجهاد وبر الوالدين والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر من الإيمان، وقال النبي - صلى الله عليه وسلم -: (من رأى منكم منكرا فليغيره بيده فإن لم يستطع فبلسانه، فإن لم يستطع فبقلبه وذلك أضعف الإيمان). (?)
ومسألة مسمى الإيمان مسالة كبيرة، وقد خالف أهل السنة والجماعة طوائف المرجئة، فمنهم مرجئة الفقهاء وهم الذين ذكر الطحاوي مذهبهم: أن الإيمان هو: «تصديق القلب وإقرار اللسان»، وبعضهم يجعل الإيمان هو: «تصديق القلب»، والإقرار شرط فيه، وليس من مسماه، فلا يصح إيمان القلب إلا بإقرار اللسان.
والقول الآخر قول الجهمية ومن تبعهم: «الإيمان هو مجردُ التصديقِ أو مجرد المعرفةِ»، والمعرفةُ والتصديقُ في نظري محصلهما متقارب، فعلى تقريرهم: إذا كان المكلف يعرف ربه فهو مؤمن، والكفر هو جحود الخالق، فأما الإقرار بالإنسان، وعمل الجوارح، وعمل القلب؛ فالكل ليس من مسمى الإيمان، وهذا يقتضي أن كل طوائف الكفر مؤمنون؛ لأنهم يعرفون الله، حتى كفار قريش، قال تعالى: ((وَلَئِنْ سَأَلْتَهُمْ مَنْ خَلَقَ السَّمَوَاتِ وَالأَرْضَ لَيَقُولُنَّ اللَّهُ)) [لقمان: 25]، وأخبر الله عن عادٍ وثمودَ أنهم قالوا: ((لَوْ شَاءَ رَبُّنَا لَأَنزَلَ مَلائِكَةً)) [فصلت: 14]، وقوم نوح قالوا: ((ولَوْ شَاءَ اللَّهُ لَأَنزَلَ مَلائِكَةً)) [المؤمنون: 24]، إلى غير ذلك، فهذا أفسد أقوال الناس في مسمى الإيمان.
ومن الأقوال الباطلة قول الكرامية: أن الإيمان هو: «الإقرار باللسان»، فالمنافق عندهم مؤمن، لكنه إذا مات فهو مخلد في النار، يقول شيخ الإسلام ـ رحمه الله ـ تعليقا على هذا: «فخالفوا الجماعة في الاسم دون الحكم» (?)،