وقوله: (والأمن والإياس ينقلان عن ملة الإسلام، وسبيل الحق بينهما لأهل القبلة).
الأمن ضد الخوف، والمراد الأمن من عذاب الله ومكره، كما قال تعالى: ((أَفَأَمِنَ أَهْلُ الْقُرَى أَنْ يَأْتِيَهُمْ بَأْسُنَا بَيَاتَاً وَهُمْ نَائِمُونَ * أَوَ أَمِنَ أَهْلُ الْقُرَى أَنْ يَأْتِيَهُمْ بَأْسُنَا ضُحًى وَهُمْ يَلْعَبُونَ * أَفَأَمِنُوا مَكْرَ اللَّهِ فَلا يَأْمَنُ مَكْرَ اللَّهِ إِلَّا الْقَوْمُ الْخَاسِرُونَ)) [الأعراف: 97 - 99] والأمن من عذاب الله يتضمن التكذيب بوعيد الله، وهو مقتضى قول غلاة المرجئة: (لا يضر مع الإيمان ذنب)، وهذا إذا كان عن اعتقاد أنه في مأمن من عذاب الله، لا إن كان ناتجا عن غفلة، كحال كثير من الناس، إذ لو كان يخاف من العذاب ويستحضره لأوجب ذلك خوفه من الله، وإقباله عليه، وقيامه بالواجبات، واجتنابه للمحرمات، فهذا ليس من الأمن الذي جاء في شأنه الوعيد.
وضد الأمن من عذاب الله وبأسه ومكره، اليأس من رحمة الله، والإياس: هو اليأس، وهو ضد الرجاء، وقد قال سبحانه وتعالى: ((إِنَّهُ لا يَيْئَسُ مِنْ رَوْحِ اللَّهِ إِلَّا الْقَوْمُ الكَافِرُونَ)) [يوسف: 87] وقريب من معنى اليأس القنوط، وهو أشد اليأس، كما قال تعالى عن إبراهيم أنه قال: ((وَمَنْ يَقْنَطُ مِنْ رَحْمَةِ رَبِّهِ إِلَّا الضَّالُّونَ)) [الحجر: 56].
والقنوط واليأس يتضمن إنكار التوبة، وأن الله لا يتوب على من تاب، وفي هذا تكذيب لخبر الله أنه يتوب على التائبين، قال تعالى: