وقوله: (ولا نكفر أحدًا من أهل القبلة بذنب ما لم يستحله).
عبارة المؤلف تقتضي أن أهل السنة لا يكفرون أحدا من أهل القبلة بأي ذنب، والذنوب نوعان:
ذنوب من أنواع الردة؛ كالشرك وما في درجته، وهي أعظم الذنوب، وذنوب دون الشرك لا توجب الردة، وإذا أخذت عبارة المؤلف على إطلاقها فظاهرها أن كل من كان مسلما فإنه لا يكفر، بأي ذنب ارتكبه حتى ولو كان شركا، ولا ريب أن الطحاوي لم يقصد هذا، وإنما يقصد الذنوب التي دون الشرك.
ولهذا قال الشارح ابن أبي العز: (امتنع كثير من الأئمة عن إطلاق القول: بأنا لا نكفر أحدًا بذنب؛ بل يقال: لا نكفرهم بكل ذنب) (?) فهذه هي العبارة الدقيقة، وتكون من سلب العموم، لا من عموم السلب؛ كعبارة الطحاوي ومضمون سلب العموم: أنا لا نكفر أحدًا من أهل القبلة بكل ذنب، إنما نكفره بالشرك وما في حكمه، ولا نكفر أحدا من أهل القبلة بما دون ذلك، والله تعالى قد جعل الذنوب قسمين: ((إِنَّ اللَّهَ لا يَغْفِرُ أَنْ يُشْرَكَ بِهِ وَيَغْفِرُ مَا دُونَ ذَلِكَ لِمَنْ يَشَاءُ)) [النساء: 48] فنحن أهل السنة لا نكفر أحدا من أهل القبلة بشيء من الذنوب التي دون الشرك، خلافا للخوارج الذين يكفرون بالذنوب، وقد يعدون ما ليس بذنب ذنبا فيكفرون به، والخوارج الذين ظهروا بهذه البدعة في عهد علي - رضي الله عنه -