فعلمه سيد المرسلين محمدًا صلى عليه وعلى آله أجمعين، وهو كلام الله تعالى، لا يساويه شيء من كلام المخلوقين، ولا نقول بخلقه، ولا نخالف جماعة المسلمين).
هذا من شواهد ما تقدم ذكره (?) من أن المصنف لم يرتب الكلام في مسائل الاعتقاد، ويجمع كل صنف ويضمه إلى جنسه، بل فرق الكلام في أصول الإيمان.
فهذه الجملة المذكورة تتعلق بالقرآن، وقد تقدم (?) القول في عقيدة أهل السنة في القرآن، وأن القرآن كلام الله حقيقة منزل غير مخلوق، منه بدأ وإليه يعود، وأنه كلام الله على الحقيقة وليس ككلام البشر، والناس في القرآن منهم الكفار المكذبون للقرآن الذين قالوا: إنه كلام محمد: ((إِنْ هَذَا إِلَّا قَوْلُ الْبَشَرِ)) [المدثر: 25]، ومنهم من يؤمن بتنزيل القرآن لكنه يتأوله على غير تأويله، ويفسره بما يوافق هواه وأصوله الباطلة كما فعل القدرية والجهمية والرافضة فكل طائفة تؤول القرآن على ما يوافق مذهبها وأصولها.
وقوله: (ونشهد أنه كلام رب العالمين).
نشهد ونؤمن ظاهرا وباطنا، ونقر بقلوبنا وألسنتنا أن هذا القرآن كلام ربنا، تكلم به سبحانه حقيقةً، وأنه كلام الله حروفه ومعانيه، هو كلام الله تعالى مكتوبا في المصاحف، أو محفوظا في الصدور، أو متلوا بالألسن، أو مسموعا بالآذان، فالذي يقرأه القارئ نقول: هذا كلام الله، أي: المتلو ((وَإِنْ أَحَدٌ مِنَ الْمُشْرِكِينَ اسْتَجَارَكَ فَأَجِرْهُ حَتَّى يَسْمَعَ كَلامَ اللَّهِ)) [التوبة: 6] لكن نحن نسمع كلام الله من صوت القارئ، كما سمع الصحابة القرآن بصوت الرسول - صلى الله عليه وسلم -، وسمعه الرسول من جبريل عليه السلام، وسمعه جبريل من رب العالمين.