فلا يُزاد في ذلك العدد، ولا يُنقص منه) (?) فهذه الجملة بخصوص عدد من يدخل الجنة، وعدد من يدخل النار، وقد علم الله ذلك كله؛ لكن هنا المؤلف يؤكد ما يتعلق بالمرتبة الأولى من مراتب القدر, فلا بد أن يعلم العبد أنه قد سبق علم الله بكل ما هو كائن، وسبق قضاؤه وحكمه قضاء مبرما محكما، فلا مُغَيِّر ولا ناقض، ولا زائد ولا ناقص لعلمه وتقديره تعالى، وهذه الجملة شاملة يدخل فيها ـ مثلا ـ الملائكة، فقد سبق علم الله وكتابه وتقديره للملائكة بأعدادهم وصفاتهم ومنازلهم وفضائلهم وأعمالهم وأقوالهم، وقد سبق علمه سبحانه وتعالى وكتابه بعدد الأشجار وأنواعها وأجناسها وثمارها وأوراقها، قال تعالى: ((وَعِنْدَهُ مَفَاتِحُ الْغَيْبِ لا يَعْلَمُهَا إِلَّا هُوَ وَيَعْلَمُ مَا فِي الْبَرِّ وَالْبَحْرِ وَمَا تَسْقُطُ مِنْ وَرَقَةٍ إِلَّا يَعْلَمُهَا وَلا حَبَّةٍ فِي ظُلُمَاتِ الأَرْضِ وَلا رَطْبٍ وَلا يَابِسٍ إِلَّا فِي كِتَابٍ مُبِينٍ)) [الأنعام: 59]
تأمل ماذا يتساقط من أوراق وحبوب الزروع والأشجار المأكولة وغير المأكولة في القفار وفي الديار؟!
وتأمل قوله (وَلا رَطْبٍ وَلا يَابِسٍ) فإنها تشمل كل شيء من هذه الكائنات.
وقس سائر المخلوقات على هذين المثالين المذكورين.
ولسيد قطب ـ رحمه الله ـ في تفسيره كلام وتصوير بديع لدلالة هذه الآية، وما فيها من الشمولية العظيمة، والدلالة على الإعجاز. (?)
وقوله: (وذلك من عقد الإيمان، وأصول المعرفة).
العلم بأن الله قد سبق علمه في كل كائن، وقدر ذلك تقديرا محكما هذا من عقد الإيمان، وباختصار نقول: الإيمان بالقدر بكل مراتبه؛ ولكن المؤلف ركَّز هنا على المرتبة الأولى والثانية: مرتبة الإيمان بالعلم السابق الأزلي، ومرتبة الكتاب فركَّز عليها وأكَّد عليها، بقوله: (وذلك