عليه، (ونهاهم عن مرامه) أي: طلبه، فعلم أسرار القدر من العلم الذي لا يجوز أن يطلب.

لكن هل يجوز البحث في القدر؟

نعم، فنحن الآن نبحث ونتكلم في القدر، وهذا الذي نتكلم فيه ليس هو الذي نُهينا عنه، نحن الآن نتكلم في معرفة ما يجوز وما لا يجوز من الكلام في القدر، فالإيمان بالقدر أحد أصول الإيمان، والإيمان بالقدر لا يعارض الإيمان بالشرع، بل لا بد من الجمع بينهما، كما أن الإيمان بالقدر لا يعارض إثبات الأسباب، فالأسباب والمسببات كلها جارية بقدر الله، فلا بد أن تنتبه لهذا.

إذاً؛ الشيء الذي لا يجوز البحث فيه هو البحث في أسرار القدر، لِمَ؟! لِمَ؟! فقد قال تعالى: ((لا يُسْأَلُ عَمَّا يَفْعَلُ)) [الأنبياء: 23] لا يُسأل تعالى عن ما يفعل لكمال حكمته، والعباد يُسألون ((وَهُمْ يُسْأَلُونَ)) [الأنبياء: 23] وهذا من النفي غير المحض، وكلُ نفي في صفات الله تعالى فإنه يتضمن ثبوتا.

وقوله: (فمن سأل: لِمَ فعل؟).

فمن سأل: لِمَ هدى هذا؟ وأضل هذا؟ وأفقر هذا؟ لِمَ خلق الشرور؟ لِمَ خلق الشياطين؟ يسأل على وجه الاعتراض.

فإن السؤال يكون على وجهين:

سؤال اعتراض ومعارضة بالعقل.

وسؤال طلب للمعرفة.

فالمنكر العظيم: السؤال على وجه الاعتراض، أو السؤال عن أمر لا سبيل إلى معرفته.

فالأول: ظاهر الفساد،؛ لأنه اعتراض على أحكم الحاكمين.

والثاني: تكلف وبحث عما استأثر الله بعلمه وطوى علمه عن العباد.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015